يبحث هذا الكتاب في طريقة تدريس المواد المختلفة، وهو مطبوع طبعة جيدة في مطبعة الجدي بحلب، على ورق جيد، ويقع في نيف ومائتي صفحة من القطع المتوسط. تعرض مؤلفه لطرق تدريس الأخلاق، والقراءة، والخط، واللغة، والإملاء، والمحادثة، والإنشاء، والتاريخ، والجغرافيا، والتدبير المنزلي، وانك لا تكاد تقلب صفحاته حتى تشعر بمتانته ودقته، وتحس بما لمؤلفه من خبرة ومران وسعة اطلاع، ودقة بحث.
خذ لذلك مثلا: أصول تدريس الخط، فترى المؤلف قد ألم بجميع نواحي الموضوع، فهو يتكلم عن درس الخط وفائدته، ثم يتكلم عن الخط والصحة مشيراً إلى مساوئ الجلسة المعوجة، ومحاسن الجلسة المستقيمة، ثم يذكر كيفية تدريسه، والى فائدة النماذج الخطية. . . الخ.
من ذلك ترى مقدار اهتمامه بموضوعه. ولقد أعجبني بنوع خاص ما ذكره عن تدريس التاريخ فتساءل أولاً عن فائدة هذه المادة، ثم بين فوائدها الوطنية والاجتماعية والخلقية، وشرح أهمية التاريخ من وجهة الثقافة العقلية، وبين مقدار ما يجب أن يوزع منه في المناهج بحسب الفصول الدراسية، وأخيراً ذكر طريقتي تدرسيه. ولقد تبينت في بحثه الروح الفنية العلمية، التي تميز الراسخين في العلم من سواهم، لذلك اقرر أن الأديب الفاضل سامي الدهان قد احسن إلى اللغة العربية والناطقين بها بنقل هذا الكتاب إليها، واعتقد أن المدرسين سيجدون فيها فائدة عظيمة، فإنى وأن كنت اعتقد إن الطرق الخاصة بتدريس المواد تختلف في مملكة عنها في أخرى، بل وفي مدرسة عنها في مدرسة، فضلاً عما يطرأ من الظروف المحلية والمؤقتة، مما يجعل التمسك بطريقة خاصة أمراً مستحيلاً، أقول إني على الرغم من هذا اعتقد ان القواعد لابد منها، والمدرس الكفء جدير بان يستأنس بها وان يكيف ظروف على ضوئها، ولهذا احمد للمعرب مجهوده، واثنى على مقدرته في التعريب، ولا شك أنها نتيجة لصحة فهمه ما عرب وصدق ميله إليه.