ولد (فيخت) سنة (١٧٦٢) في قرية (رامينو) ولم يكن أبوه ليقدر على القيام بأعباء تعليمه، فكفله أحد سادة القرية وأنفق في سبيل تعليمه ما أنفق؛ وبعد جهاد عنيف ودرس طويل دخل في العالم الفلسفي، فكان أول كتاب له (تجربة نقدية لكل وحي) وكتابه الثاني (تقويم أحكام الشعب على الثورة الفرنسية) وكتابه الثالث (نداء عام لأمراء أوروبا لكي يفكوا العقل من عقاله) وهذه الكتب الثلاثة وضعت (فيخت) في مصاف أرباب فلسفة النقد والثورة، وبعد هذا الإنتاج الطيب أعلن في محاضرة له قيمة مذهبه الذي وسمه بالمذهب العلمي، وهو الذي يرد به كل العلوم إلى مصدر واحد. وهذا المذهب أو هذه الثورة الفلسفية أطارت اسمه في الآفاق، حتى غدا حديث المجامع النوادي. وقد أسند إليه منبر في (لينا) ليحاضر في الفلسفة، فسهل له هذا المقام أن يعاود شرح مذهبه وتفصيله من جميع نواحيه في كتبه العلمية، وكان خلال ذلك يواصل نشر مقالاته في (واجب العلماء) فهو يريد من العالم أن يسيطر على شؤون بلده، لأن العالم عنده ليس بالرجل الذي يملأ رأسه علماً وعرفاناً، ولا من يتخصص في مادة واحدة يذهب بها كل مذهب، ولكنما العالم هو الرجل الحر الذي اجتمعت له ثقافة عصره، وسما فوق مشاغل حياته اليومية، هو يريد أن ينقاد المجتمع للرجال الألمع ذكاء والأروع عقلاً
وربما دفعه هذا المذهب - أضف إليه بعض مشاغل خاصة - إلى أن يقطع الكثير من دراساته المتواصلة، كان يحاول من ورائها أن يطبق مذهبه النظري على الأخلاق والحقوق والسياسة والدين، يقطع هذه الدراسات ملتفتاً إلى شؤون أمته المجروبة، وقد خطب الشعب كثيراً في (برلين) بأسلوب تبدو فيها حماسة الفيلسوف وشدة تعلقه بوطنه، ومن خطبه خطبة ذكر فيها أسباب انحطاط أمته ووصف العلاج الشافي لهذا الانحطاط
قال: (إن أسباب الانحطاط داخلية؛ لا يمكن أن تعزى إلى بأس الخصم وسيطرته، إنها تنجلي في خنوعنا ولين أخلاقنا، وفي أنانية مرشدينا وقوادنا، وفي إعجابنا وتقليدنا الأعمى للأجنبي الغريب. أما علاج هذه الأدواء فهو التربية المؤسسة على الفضيلة التي تشجع