للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سليمان الحكيم]

لتوفيق الحكيم!

للأستاذ سيد قطب

- ٢ -

يلتقي الصياد الساذج القانع الطيب القلب بالعفريت الطامح المتمرد العاصي (داهش بن الدمرياط) حين يجذب شبكته أول مرة فتخرج حماراً ميتاً، ويجذبها ثاني مرة فتخرج زيراً مملوءاً بالرمل، ويجذبها ثالث مرة فتخرج أحجاراً وقوارير. حتى إذا طلب من الله أن يرزقه من فضله في الرابعة خرج له قمقم نحاسي مختوم بخاتم سليمان، وفيه هذا العفريت الملعون الذي حبس في هذا القمقم جزاء عصيانه أمر الملك وإبائه أن يذهب لجلب الأرز وخشب السرو لبناء بيت الرب، لأنه عفريت طموح مهيأ لأكبر من هذه الأعمال التافهة!

ويهم العفريت بقتل الصياد الذي أنقذه لأنه كان قد نذر أن يقتل من يخرجه في هذه اللحظة (وهنا ينسج المؤلف الخيط الأول في شخصية العفريت) لولا أن يحضر سليمان وجنوده فيرجو العفريت الصياد في أن يعيده إلى القمقم وأن يستشفع له عند الملك، ويستنجد العفريت بشرف الصياد فلا يجد هذا مفراً من القبول (وهنا ينسج الخيط الأول في شخصية الصياد)

ويقبل سليمان الشفاعة على شرط أن يكون الجني محسوباً على الصياد بخيره وشره، وأن يعدهما شخصاً واحداً أمامه في السراء والضراء (ومن الصياد الطيب والعفريت الشقي يتألف الإنسان). ويقبل الصياد - وأمره لله - ولكنه يختار أن يكون مع عفريته في خدمة النبي سليمان! (وتلك أول بذرة من بذور الحكمة في نفسه)

ويسمع سليمان من الهدهد الغائب (حسب رواية القرآن) عن ملكة سبأ وعظمة ملكها وعن جمالها أيضاً. ويكون حاضر هذا الحديث صادوق الكاهن وآصف الوزير. فأما صادوق فمشغول بالسؤال عن معبود الملكة وقومها، وأما آصف فمشغول بالسؤال عن عرشها وملكها، وأما سليمان فمشغول بهذا كله، ولكنه مهتم كل الاهتمام بما يسمع عن الملكة الجميلة (وهنا ينسج الخيط الأول في هذه الشخصيات الثلاث. ويمهد للصراع الذي ينتظر

<<  <  ج:
ص:  >  >>