قرأت كلمتين في العدد - ٥٤٨ - من مجلة الرسالة الغراء: إحداهما للدكتور أسامة، والثانية للأستاذ محمد أحمد الغمراوي، فأما الدكتور أسامة فقد عاد إلى بحث ختان الأنثى من الناحية الدينية، ونحن لا نريد هذا منه، وإنما نريد منه أن يبين لنا رأي غيره من الأطباء في هذا الختان، لأن رأيه وحده فيه لا يفيد القطع في هذه المسألة من الناحية الطبية، ولا بد من الوصول إلى رأي قاطع فيها من هذه الناحية قبل بحثها من الناحية الدينية
وأما الأستاذ الغمراوي فلا أدري ما يأخذه علي وقد مضى يعالج مسألة الختان على طريقتي من التوفيق بين الدين والعلم، وخالف طريقة من رددت عليه حين يريد أن يثبت أن هذه المسألة من الدين، ولا يريد أن يعالجها من ناحية العلم، بل يرى دكتوراً فاضلاً يريد أن يوفق بين الدين وبين ما يراه مخالفاً له في الطب، فيقطع عليه طريق هذا التوفيق، ولا يقول له إلا أن مسألة الختان من الدين؛ فإن معنى هذا أن حكم الطب فيها لا يعبأ به، وهذه هي الطريقة التي قلت إن الدين لا يخدم بها، وقلت إنها تخالف ما اعتمده سلفنا الصالح في تعارض دليل العقل ودليل النقل
ومن العجيب أن يقول الأستاذ الغمراوي: إن قراراً إجماعياً لو صدر من الأطباء بتأييد الدكتور أسامة لا يغير من الحكم شيئاً في هذه المسألة بالذات، ثم يمضي بعد هذا في محاولة التوفيق بين الطب والدين في مسألة الختان، وهذا تناقض لا أدري كيف وقع فيه. وقد يعقل أن يأخذ الإنسان في هذه المسألة بحكم الطب ولو خالف الدين، وأن يأخذ فيها بحكم الدين ولو خالف الطب، ولكنه لا يعقل أن يضرب بإجماع الأطباء فيها حصل عرض الحائط ثم يمضي في محاولة التوفيق فيها بين الطب والدين، ولكن الأستاذ الغمراوي يريد أن يمسك بذيل الرجعية والتحديد معاً، وأن يجمع بين إعجاب الرجعيين به والمجددين، وهو في هذا كمن يحاول الجمع بين الضدين