استأثرت الطبقات الغنية في إنجلترا بما كان يعد أرقى أنواع التعليم والثقافة إلى ما بعد منتصف القرن التاسع عشر. وكان يتلقى أبناء تلك الطبقات العلم في المدارس الخصوصية وفي جامعتي اكسفورد وكمبردج، ذات النفقات الباهظة والنزعة الأرستقراطية البحثة، تلك المعاهد التي استحالت بالتدريج إلى معاهد خاصة بذوي اليسر والجاه وأن لم تنشأ في أول الأمر من أجل هذه الطبقة بالذات
أما أبناء الطبقات الفقيرة فكانوا يتلقون قشور العلم في مدارس أولية متواضعة تشبه الكتاتيب في مصر في أكثر نظمها وأساليبها. وكان يقوم بتأسيس هذه المدارس الجمعيات الخيرية وأهل البر والإحسان؛ أما الحكومة فلم تتدخل في أول الأمر تدخلاً مباشراً في شئون التعليم بل اكتفت بتقديم الإعانات المالية للجمعيات ابتداء من سنة ١٨٣٣، وبتكوين اللجان من حين إلى حين لدرس حالة التعليم وتقديم الاقتراحات والتقارير للقائمين بشأنه، مما كان له أثر يذكر في النهوض بالتعليم وتوجيهه التوجيه الصالح
ولقد كانت نظرة الحكومة والمتطوعين لنشر التعليم بين الفقراء قاصرة مبتورة، إذ كان الغرض مجرد القضاء على الأمية وتعليم الأطفال بعض الأعمال اليدوية التي قد تساعدهم على كسب الرزق. وعلى ذلك كان منهج الدراسة الأولية عبارة عن مبادئ القراءة والكتابة والحساب والدين ذلك الذي كان يمزج بتلقين الطاعة للرئيس والقناعة بنصيب المرء في هذه الحياة الدنيا. والواقع أن التعليم كان مبنياً على أساس الاحتفاظ بنظام الطبقات العتيق وخضوع الفقراء للأغنياء، فكان يخشى أن يؤدي التوسع في تعليم الفقراء إلى عدم رضائهم بحظهم من الحياة. ولقد تجلت تلك النظرة المحدودة في تقرير اللجنة المعروفة بلجنة عهد إليها بدراسة حالة تعليم أبناء الشعب فأصدرت تقريراً وافياً عام ١٨٦٠ أعلنت فيه رضاءها عن حالة تعليم أبناء الفقراء إذ ذكرت بشيء من الدهشة أن في مكنة ثلاثة أخماس