التلاميذ المدونة أسماؤهم في سجلات المدارس الأولية أن يتعلموا القراءة والكتابة دون صعوبة ظاهرة، وأن يقوموا بإجراء العمليات الحسابية البسيطة التي تتصل بحياتهم اليومية كما يتلقون مبادئ الدين الأساسية وما يتصل بها من التعاليم الخلقية. . . أما مواد الثقافة العامة كالتاريخ والجغرافيا التي كانت قد بدأت تشق لنفسها طريقاً في المنهج فلم تعرها اللجنة التفاتاً إذ لم تكن معتبرة من المواد الأساسية
على أن تلك النظرة الضيقة إلى تعليم أبناء الفقراء أخذت تتغير تغيراً كبيراً في الثلاثين سنة الأخيرة من القرن التاسع عشر تحت تأثير عوامل مختلفة أهمها انتشار الأفكار الحرة ونمو حركة العمال واتساع نطاق الحقوق الانتخابية التي شملت طبقة العمال سنة ١٨٦٧، فأصبحت تلك الطبقة تلعب دوراً هاماً في مصير الأمة وتكييف شئونها. وسرعان ما شعرت الطبقة الحاكمة بأهمية هذا الانتقال الذي أوجب تعليم الطبقات الفقيرة بما أنها ضمت إلى زمرة السادة والحكام نتيجة تعديل نظام الانتخاب. وعلى ذلك نجد الحكومة الإنجليزية تتدخل تدخلا جدياً في شئون التعليم وتسن القوانين لتعميم التعليم الأولى ففي سنة ١٨٧٠ صدر قانون بتكوين مجالس للتعليم الأولى في المناطق المختلفة التي تقل فيها أو تنعدم المدارس التي كان يقوم بإنشائها الجمعيات الخيرية للقيام بسد النقص وتوفير التعليم لجميع أبناء الشعب، كما جعل من اختصاصها الإشراف على التعليم في المدارس الأولية المختلفة بينما جعلت مدة الدراسة الأولية خمس سنوات من سن الخامسة إلى العاشرة. على أن التعليم لم يصبح إجبارياً يعاقب القانون على تركه إلا في سنة ١٨٨٠. ومنذ ذلك الانتقال الهام أدخلت مواد جديدة في برامج التعليم الأولى في حين منحت إعانات مالية لكثير من التلاميذ الفقراء النجباء لمساعدتهم على دخول المدارس القانونية والفنية والجامعات. وهكذا نجد أن اتساع دائرة الحقوق النيابية في إنجلترا يقابلها اتساع وإصلاح في دائرة تعليم الفقراء، وفي ذلك بلا نزاع لب الحكمة، إذ أن الخطر كل الخطر في وضع القوة السياسية أو الحقوق الانتخابية في يد قوم جهلاء يقضون على الديمقراطية باسم الديمقراطية
وفي القرن العشرين خطا تعليم أبناء الفقراء خطوات واسعة حوالي سنة ١٩٠٠، فمدت الدراسة الأولية إلى سن الرابعة عشرة، وأنشئت الخدمة الطبية للمدارس سنة ١٩٠٧