يؤسفني أيها الأستاذ أن تكون فهمت من كلمتي السابقة شيئاً ما أكنه لك من المحبة الصادقة والإجلال الأكيد. . . فأنت أستاذنا الفاضل، وكاتبنا العالم المحبوب، وذلك مذ كنا تلاميذك الصغار المعجبين بك. . . وتشككك في صدق هذا الاعتراف هو موضع أسفي وألمي. أما ما عنيته، بل كتبته صراحة، من أن الذي كتب عن نظرية وحدة الوجود - تلك النظرية المشئومة - قد كتب من وجهة نظر تكاد تكون إسلامية بحتة، فلا يعني أن تكون احتكاراً لأمة دون أخرى ولا يعني منع أحد من الخوض فيها، وإلا كنا متناقضين مع أنفسنا حينما نفينا ما وهمه الأستاذ الرصافي من نسبتها إلى نبينا الكريم، وحينما استعرضنا آراء الفلاسفة اليونانيين فيها. ونحن نزيد المسألة بياناً فنقرر أن نظرية وحدة الوجود ليست من الإسلام في شئ. بل هي الكفر الصريح في رأي كبار الأئمة المسلمين، أما ما فهمه أستاذنا الفاضل المحبوب من مقالنا عن النظرية في الفلسفة اليونانية، وأنه خرج من المقال بأن اليونانيين عنوا بالوجود أصله المادي لا غير، فهذا كان ولا يزال موضع عجبي، فقد أوردت في المقال إزاء من قالوا بالوجود المادي لا غير. ومن قالوا بوجود أي عقل مدبر حكيم وراء هذا الوجود المادي، وآراء من قالوا بعالم المثل. ثم ألمعت إلى رأي أرسطو في الصورة ورأيه في الله. الخ
على أننا نكرر لأستاذنا الفاضل المحبوب شكرنا ونعرب له عن حسن قصدنا
٢ - الدفاع عن وحدة الوجود
كال لنا الأستاذ زكريا كيلاً شديداً دون أن يعرض للنظرية بشيء مقنع؛ فهل يتفضل حضرته فيتناولها في صراحة، وليبدي لنا رأيه فيما ذهب إليه العلامة أبن تيمية بصددها في كتابه الفريد (الحجج النقلية والعقلية فيما ينافي الإسلام من الجهمية والصوفية، كالحلول والاتحاد، ووحدة الوجود، ونفى القدر، أو الاحتجاج به على الرضا بالمعاصي. الخ)، وما تناول به ابن عربي من التكفير والزندقة والإزراء بالرسالة
يا أخي. . . اقصد في دفاعك عن ابن عربي، حتى تفرغ من دراسة هذه القضية، وأسأل الله لك السداد.