وجاء في تأريخ الطبري:(كان عبد الله بن سبأ يهودياً من أهل صنعاء أمه سوداء). واكتفى في مواضع أخرى من تأريخه (بابن السوداء) وفي العبارة الأولى شرح لكلمة (ابن السوداء) ويدل ما ذكره الطبري على أن أم عبد الله كانت سوداء اللون وأنها كانت قريبة من الزنوج أو من أصل زنجي قريب أو بعيد، وأن أباه كان من اليمن وإن كنا لا نعرف اسمه كما لا نعرف اسم أمه، وأنه كان يهودياً إلى أيام عثمان.
وفي البيان والتبيين) حديث جاء في بعض فقراته (فلقيني ابن السوداء وهو ابن حرب) ولست في شك من أنه يقصد (بابن السوداء) عبد الله بن سبأ الذي يتحدث عنه أصحاب كتب الفرق، لأن المقالة المنسوبة إلى هذا الرجل هي نفس المقالة التي ينسبها الرواة الآخرون إلى عبد الله بن سبأ، كما يذكر مؤرخون ورواة أن (ابن سبأ) هو (ابن السوداء) فهل عرف الجاحظ ذلك، أن أنه قصد شخصاً آخر؟ على كل حال فالمهم في الرواية أنه نص على اسم والد (ابن السوداء) فدعاه (حرباً) ولكن أي (حرب) هو؟ فهنالك مئآت من الأشخاص عرفوا بحرب. ثم من كان والد حرب؟ ومن أي قبيلة كان؟ ذلك ما لم يتحدث عنه الجاحظ ولا غير الجاحظ من الكتاب أو الرُّواة أو المؤرخين. وقد فرَّق بعض الرُّواة بين (عبد الله بن السوداء) و (عبد الله بن سبأ) فجعلوا كل واحد منهما شخصاً، ومن هؤلاء ابن عبد ربه، والبغدادي، ومن أخذ عنه مثل الاسفرائيني. ويعتقد المستشرق (إسرائيل فريد لندر) أن هذا التفريق الذي جاء في كتاب (البغدادي) سببه الرواية المنسوبة إلى الشعبي ونصها: (وقد ذكر الشعبي أن عبد الله ابن السوداء كان يُعين على قولها. وكان ابن السوداء في الأصل يهودياً من أهل الحيرة فأظهر الإسلام وأراد أن يكون له عند أهل الكوفة سوق ورياسة فذكر لهم أنه وجد في التوراة أن لكل نبي وصياً إلى آخر الرواية، وكان قد ذكر قبل لك اسم (عبد الله بن سبأ) فحدث هذا الاختلاف ولكنه كان يقصد في الواقع شخصاً واحداً لا شخصين
ويظهر مثل هذا الاختلاف ولكن بصورة أخرى في موضع من كتاب (العقد الفريد) للفقيه أحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي المتوفي سنة ٣٢٨ للهجرة. في الموضع الذي ذكر فيه