(القيثارة الخالدة التي غنت أروع أناشيد الجمال والحرية
والخيال. . .)
للأستاذ محمود الخفيف
- ١٤ -
بين الطغيان والحرية:
تربى جيمس في أسكتلندة تربية بروتستنتية إلا أن هواه كان مع الكاثوليك، ولم يك ذلك بدافع العقيدة فما كان يعبأ مثله بعقيدة. وإنما كان بدافع الرغبة في الاستناد إلى الكنيسة كدعامة من دعائم الاستبداد.
وكان البيوريتانز قد تزايد عددهم في البلاد حتى أصبحوا قوة عظيمة، وكان هؤلاء خارجون على كنيسة إنجلترا لأنها كاثوليكية العقيدة وإن كانت رياستها لملك إنجلترا منذ فصلها هنري الثامن عن رياسة روما.
وقد كان هؤلاء البيوريتانز عند نشأتهم كما رأينا فريقاً من قساوسة الكنيسة الإنجليزية ولكنهم في الواقع أصبحوا يعدون من البروتستانت في ميولهم ومبادئهم ورغبتهم في الإصلاح وأن أطلق عليهم أسم خاص بهم؛ وطمع كل من الكاثوليك المتشيعين لروما والبيوريتانز أن ينالوا عطف جيمس. أما طمع الكاثوليك فلأنه ابن ماري الكاثوليكية ملكة أسكتلندة، وأما طمع البيوريتانز فلأنه تربى تربية بروتستينتية في أسكتلندة وفق الكنيسة البرسبتيرية، ولكنهم جميعاً ما لبثوا إلا قليلاً حتى رأوه يميل إلى نظام كنيسة الدولة كما نشأت في عهد هنري الثامن وتوطدت في عهد اليزابيث.
وأجتمع سنة١٦٠٤ مؤتمر من قساوسة الكنيسة وممثلي البيوريتانز بغية التفاهم على حل، ولكن ثلاثمائة من البيوريتانز آثروا اعتزال مناصبهم على الاعتراف بكتاب الصلاة الذي تقره كنيسة الدولة. وأعلن جيمس كلمته الشهيرة يومئذ التي أفصح بها عن رغبته في