التمسك بالنظام الأسقفي في رياسة الكنيسة وفروعها وهي قوله:(إن لم يوجد القس فلن يوجد الملك)؛ وتهدد البيوريتانز بطردهم من المملكة إن لم يذعنوا له.
وكان أعضاء البرلمان يميلون إلى البيوريتانية فاشتد غضب أشياع روما عليهم، كما أنهم غضبوا على الملك لتمسكه بنظام كنيسة الدولة فدبروا مؤامراتهم الشهيرة مؤامرة البارود لنسف البرلمان والملك جميعاً، ولكن مؤامراتهم أحبطت إذ نما خبرها إلى الحكومة، وأزيل البارود والفتائل من تحت البناء ولاقى المؤتمرون نكال الملك جزاء بما أجرموا، وحاق بهم سوء ما مكروا فنسف ما بقي لديهم من البارود عدداً منهم، وأصبح أشياع روما موضع سخط الناس جميعاً وكراهتهم وظل الناس زمناً طويلاً يعلمون بحادثة منكرة إلا ردوها إليهم، وظل السذج من العامة ينسبون كل شر يقع مهما كانت صورته إليهم، ولا يزال بعض القرويين حتى اليوم يحرقون تمثالاً رمزياً للبابا في ذكرى هذا الحادث من كل عام.
وعظم ميل الناس إلى البيوريتانية بقدر ما أشتد سخطهم على الكاثوليك، ولكن القساوسة على الرغم من ذلك يوحون إلى الملك اضطهاد البيوريتانز والعطف على الكاثوليك من أتباع الكنيسة الإنكليزية، والتمسك بالنظام الأسقفي، وأصبح هؤلاء القساوسة في نظر البيوريتانز وأنصار الحرية الفكرية جميعاً رمز التعصب الأحمق والاستبداد الغبي، لا يدرون أهم أم الملك أحق منهم بالمقت والازدراء؛ وكان كلما أشتد سخط الشعب على الأساقفة ازداد عطف الملك عليهم وحباهم بالمودة والرعاية وبالغ في التمكين لهم في سلطتهم وتنفيذ ما يشيرون به يكيد بذلك لمخالفيه ويشرح صدور مؤيديه.
وتناصر على الملك وحزبه البرلمان البيوريتانز، ومازالت هاتان القوتان تعملان على مناوأته في ثبات ويقين حتى أدركه الموت سنة ١٦٢٥، وخلف لابنه شارل الأول العرش والثورة معاً، ولسوف تكون البيوريتانية في عهده أشد خطراً عليه من النزاع الدستوري بينه وبين البرلمان.
واستوى على عرش إنجلترة شارل الأول، وكان في الخامسة والعشرين من عمره، وكان شارل على الضد من أبيه في خلقه فلم يعرف التبذل واللهو، بل كان ملكاً من جميع أقطاره يملأ النفوس هيبة باحتشامه ووقاره، ولم يك ضعيف العزيمة ولا خواراً ولا أرعن الكلم ولا ثرثاراً؛ بيد أنه لم يتوفر له من الثقافة بقدر ما توافر لأبيه منها. وكان البرلمان قد مرن