وُلد هذا الشاعر في برستل، في ٢٠ نوفمبر سنة ١٧٥٢، بعد وفاة أبيه بثلاثة أشهر. وكان أبوه كاتباً بسيطاً في كاتدرائية برستل، يتقاضى منها راتباً زهيداً؛ فمات ولم يخلف لابنه تراثاً مادياً يُذكر.
دخل الشاعر مدرسة كولستُنْ الابتدائية حيث قضى ثماني سنين متتالية، نظم في خلالها بعض قصائد، منها واحدة نظمها سنة ١٧٦٤ بعنوان (وصية الكافر)
ثم عنّ له أن يقصد عمه حارس كنيسة القديسة ماري في (ردكلف) لعله يجد في كنفه طمأنينة وعزا. كانت تلك الكنيسة على جمال فني بديع، فتن الشاعر وأذهله، فعاش بالخيال في العصور التي أبدعت ذلك الفن الرائع. ليس هذا فحسب، بل عثر في خزانة الكنيسة على مخطوطات أدبية قديمة، وسجلات دينية تعود في تاريخها إلى العصور الوسطى، فكان الشاعر الصبي في خياله وشعوره نهباً بين هذين التراثين الخالدين: التراث الفني البديع، والأدبي الرائع. فلم يعش في الحقيقة في عصره إلا بالجسد؛ أما روحه فقد كانت بكليتها في العصور الوسطى.
وانزوى تشاترتن لنفسه في تلك البيئة الروحية الهادئة عاكفاً على بحث تلك الآثار الأدبية ومطالعتها. وبقي هذا شأنه لا يعرف من أمره شيء، حتى سنة ١٧٦٩ حين فاجأ العالم الأدبي بنشر قصيدة (لينور ويوغا) & في مجلة & ولقد نظم تلك القصيدة في حين لم يتجاوز فيه عمره الثانية عشرة؛ وأطلع عليها رئيس مستشفى (كلتُن)، مدّعياً أنها من آثار شاعر من شعراء القرن الخامس عشر. أما اسم ذلك الشاعر الخيالي فالكاهن طوماس رولي عاش في مدينة برستل، في عهد الملك إدوارد الرابع وكان - على ما ادعى تشاترتن - صديقاً لوليم كاننغ.