لقد أصبح ألان في حكم البدهيات معرفة إن كل كائن حي إنما يولد من كائن حي آخر سالف من نفس النوع، وهذه العقيدة التي ندين بها ألان والتي يرتكز عليها علم الحياة (البيولوجي) وعلم الطب والصحة كانت موضع اخذ ورد وجدال عنيف بين العلماء ولم يسلموا بها إلا بعد مئات من السنين.
اعتقد العلماء حينا من الدهر فيما سموه بال أي (الجيل التلقائي الذاتي) بمعنى أن الأحياء الضعيفة من حشرات وديدان وهوام وميكروبات إنما تولد من تلقاء نفسها من غير حاجة إلى أسلاف وآباء من الأحياء بل تنشأ من البيئة الجمادية التي خرجت منها.
فارسططاليس الذي عاش من سنة ٣٨٤ إلى ٣٢٢ قبل الميلاد والذي كان اكبر عالم في البيولوجي في زمانه كان يعتقد في هذا الجيل التلقائي وظن أن كل جسم في وسعه إن يلد كائنات حية إذا ما بللته قطرات الماء وأروت عطاشه. . . فتلك الحشرة إنما خلقت من الزهرة أو من الطين والوحل، وتلك الديدان التي تعيش متطفلة في أمعاء الإنسان خلقت من المواد البرازية.
كذلك الفيلسوف ابن سينا (٩٨٠ إلى ١٠٣٧ م) لم يشذ عما سبقه وعاصره من العلماء والفلاسفة وأكد أن كثيرا من الأحياء تتولد من جيف الجثث التي تلفظها الأنهار وقت الفيضان.
أما الفيلسوف الإنجليزي (فرنسيس بيكن)(١٥٦١ إلى ١٦٢٦) فقد خطا خطوة إلى الأمام واثبت نظريا بان قليلا من الأحياء يكون توالدها نتيجة لانقسامات أو تلقيح لأحياء أخرى، ولكن الأغلبية إنما تتناسل من الجمادات والمواد المنحلة التي تعيش عليها، ومن هذه الأخيرة يذكر الضفادع والذباب والقمل والبق والبرقوت والجراد والديدان والعنكبوت.
أما العالم الهولندي (فان هلمنت)(١٥٧٧ إلى ١٦٤٤) فكان يعتقد أن بعض الضفادع والقواقع تنشأ قرب المياه الراكدة مثل البرك والمستنقعات حيث النسيم الذي يهب من ناحية تلك المياه والروائح المتصاعدة منها تنفخ الروح في تلك الحيوانات وتخلقها، وكان يقوم ببعض تجارب غاية في الغرابة مثال ذلك تجربته آلاتية: -