[نداء الموت]
(إلى الأستاذ الكبير عباس محمود العقاد)
للأستاذ محمد مجذوب
كم تنادى يا موت نفسيَ صيفاً ... أنا في الصيف لن أجيب النداَء
كم تنادي، والحسنُ يهتف بالكو ... ن فيلهى عن صوتك الأحياء
إذْ يُسِرُّ العشبُ الحِييُّ إلى ألا ... ظلال ما شئنَ من حديث وشاء
إذ يحنُّ الصفصاف، والجدول الرقرا ... قُ مصغ والريح تغفو رُخاء
إذ يموج اللبلاب فوق تخوم الرو ... ض ريَّان نضرةً وسناء
إذ يغيب الوجود في غمرة الطيب ... فيهفو حتى الجماد انتشاَء
. . . كم تنادى!. . . أفي عهود الأزا ... هير، لك الويل، تنشد الإصغاَء!
عبثاً ترفع النداء فلن يبلغَ ... يا موت أذنيَ الصَّماَء!
إن نفسي في شاغل عنك بالصيف ... ففي الصيف لن أجيب النداء
غير أني يا موت جِدُّ سميع ... دعوة القبر يوم أطوي الرجاء
يوم تعرى هذي الحياة من الحَليَ ... ويكسو حطامُها الغبراءُ
يوم تسري الهوج الزعازع في السفح ... فيملأ، فحيحُها الأرجاَء
يوم يستروحُ الرعاةُ من الشرق ... لهاث الصقيع يغزو الجِواء
يوم لا حاصد هناك سوى النكبا ... ءِ تغدو بها الحقولَ عراء
يوم لا حاطب سوى منجل الإعصا ... ر يجتاحُ هَوْلُه الأوْداء
يوم لا بزر في التراب سوى الثلج ... تغطِّي به السماء الفضاَء
يوم لا رغبة تجلجل في القلب ... ولا متعة تذود الشقاء
. . . يومذاك ادعُني تجدني يا مو ... ت مجيباً، كما تحبُّ، الدعاَء
(طرطوس - سوريا)
محمد مجذوب