هكذا نشرت الأهرام بعددها الصادر بتاريخ ٣٠ من أغسطس سنة ١٩٤٩.
وإذا كان المشتغلون بالحفريات، وبالتثقيب عن الآثار، يسرهم أعظم السرور وأطيبه، أن يجدوا قطعة حجر متآكلة، قد نقشت عليها بضع كلمات؛ رجاة أن يقدموا إلى العلم شيئاً؛ وإن يكن تصحيحاً لتاريخ وفاة أمير، أو ميلاد وزير، أو نسب وليد، فقدَّركم يكون سرور المعنيين بالمخطوطات، حين يجدون كتاباً ضخماً، يحوي بين دفتيه كثيراً من العلوم والمعارف، والآراء والنظريات؟! خصوصاً إذا كان موغلا في القدم، ويرجع تاريخه إلى ما يقرب من الثلاثة عشر قرناً.
وقدركم يكون سرور المشتغلين بالإسلاميات على وجه العموم وسرور المسلمين على وجه الخصوص، إذا كان هذا المخطوط، هو المصدر الأول لعقائد المسلمين وثقافتهم؟!
إنه لا يداخل المسلمين أدنى شك، في صحة كتابهم، ولا في شيء مما يحتويه من آيٍ هي غرر البيان ومعجزة الدهر؛ تتقدم العلوم، وتتسامى الفهوم، وتتكشف الحقائق، وتتجلى الغوامض؛ ولا يزيده ذلك إلا ثباتاً ورسوخاً، وانفهاماً ووضوحاً؛ حتى لقد كان أن يعد لدى الباحثين على اختلاف مشاربهم، وتباين ميولهم ونزعاتهم، معيار الحقيقة، يكون حظ الفكرة من القبول أو الرفض بمقدار ما تنال من القرب منه أو البعد.
ولكن هذا لا يمنع من أن يداخلهم سرور أي سرور، حين يجدون لهذه النسخ التي بين أيديهم أصلا يرجعون إليه، ويطابقونها عليه، ليكون النسب متصلا.
وإذا كان المسلمون الذين امتزج الإسلام بطبيعة وجودهم، وجرى منهم مجرى الدم في شرايينهم، لا يحسون أن هناك فراغاً كان ينتظر هذا المخطوط ليشغله، ولا أن هناك نقصاً جاء هذا المخطوط فكمله؛ فهم على حق في حكمهم؟ لأن العناية الإلهية قد تكفلت بحفظ الكتاب الكريم وصيانته من أن تمتد إليه يد بتحريف أو تبديل.
ولكنهم يكونون على حق أيضاً، حين لا يغفلون ما عسى أن تعتلج به نفوس غير المسلمين، أو حديثوا العهد بالإسلام من تساؤل حول نسب هذه النسخ التي بين أيدينا الآن.
وحين لا يغفلون ما تعتلج به نفوس العلماء والباحثين، من افتراضات واعتراضات، تتطلب