إجابات من نحو آخر، غير تلك الإجابات التي تقوم على أساس من التفويض إلى ما تكلفت به العناية الإلهية.
وإن أنس لا أنس ذلك الحرج الذي شعرت به حين وجه إلينا - أنا ونفر من هيأة التدريس بكلية أصول الدين - ذلك الشاب الأمريكي المسلم، الذي حضر إلى مصر بعامة، وإلى الأزهر بخاصة، منذ عامين تقريباً، ليتأكد من صحة إسلامه، بعرضه على الهيئة المختصة، وليؤكده بإزالة ما عسى يكون في نفسه من شبه وشكوك حول العقيدة، على يدي العلماء المختصين بهذه الشؤون. أقول: لست أنسى ما شعرت به من حرج حين وجه إلينا ذلك الشاب هذا السؤال الذي لم يكن لدينا جميعاً جواب عنه:
(هل يوجد لديكم أصل من مصحف عثمان؟ وكيف يطمئن الباحث الحر إلى أن ما بأيديكم الآن هو صورة طبق الأصل منه؟)
وقد شاءت إرادة الله أن تظفرنا بجواب هذا السؤال - وإن يكن بعد عامين - عن طريق هذا الأثر العلمي الجليل.
وإني لا أشك في أن فضيلة مولانا الأستاذ الأكبر الشيخ محمد مأمون الشناوي شيخ الجامع الأزهر - بما عرف عنه من غيرة على الدين، وحرص على خدمته، وقصر الجهود على رفع شأنه - أن يدخر جهداً أو مالا في سبيل العمل للحصول على هذا الأثر العلمي الجليل، الذي تكمل به مكتبتنا وتقوى به حجتنا.
وإني - ليشهد الله - لجد مشفق على هذا الأثر النفيس، حين أنظر إلى صورته في الأهرام، وهو بين يدي علماء التركستان، يقلبون أوراقه، ثم يبدءون القراءة فيه ويعيدون، وأخشى أن لا يكونوا مقدرين لقيمته العلمية، وأنه أسمى من أن يستعمل للقراءة والاستذكار؛ فتسرع إليه يد العفاء، إذ حسبنا منه أن يكون أصلا نرجع إليه عند الضرورة.
فاللهم وفق للعمل على اجتلاب هذا الأثر وصيانته، وإحلاله من نفوس أولى الأمر وعنايتهم في المكان اللائق به.
سليمان دنيا
مدرس الفلسفة بكلية أصول الدين ومبعوث الأزهر بجامعة