خليل مطران من الماهدين في الشعر الحديث، ومن معبدي الطريق أمام النهضة الثقافية والفكرية في العالم العربي المعاصر، ومن الدعائم الأولى في بناء الأدب المسرحي في لغة الضاد، ومن ذوي الفضل في استحداث تعبيرات عربية لمصطلحات وعبارات أعجمية كانت مجهولة مغفلة حتى وضع مطران يده عليها وأشاعها وأذاعها.
وخليل مطران أديب له تميزه الخاص، تفاعلت فيه ثقافات شتى، وذابت في ذهنه آداب من المشرق ومن المغرب، وتهافتت على عربيته الأصيلة قطوف غربية متباعدة الأطراف ففتقت ذهنه، ونشرت أمام عقله المتفتح مجال المعرفة فسيحاً، وجعلت منه ركنا ركينا في صرح ثقافة الشرق، وقطبا يخطب المستشرقون ود شعره، ويلقى فيه المعنيون بالأدب ذي الطابع الإنساني الخالد معينا لا ينضب، ومنهلا لا تغيض غواربه.
أنشد الشعر من خمسين عاما أو تزيد، فكان أبداً مجلياً مجلو البيان، وكان دأبا في الطليعة يؤاخى لا (شوقي) ويزامل (حافظ) ويأخذ عنه ومنه شعراء نصف قرن، وستهتدي بنظمه ونثره أجيال لما تأت.
أمعن في الكتابة، وأوغل في تدوين (المحبرات الطوال) فما خلف بابا من أبواب الرأي إلا طرقة، وما ترك موضوعا يشغل الذهن إلا جاهر فيه بمستقده، وما هجر منحى التفكير لعله ارتآها أو ذريعة تذرع بها.
الشعر، نظمه.
والمسرحيات، ترجمها وألفها.
والاقتصاديات، تضلع منها وحياها بالكثير من وقته وجهده؛ والصحافة، مارسها واشتغل بها وحمل أعباءها فما ننكر لها وما تنكرت له.
والمنبر، ارتقاه منشدا وخطيبا، فلم تذهب نحولته و (دقة) حجمه بقدرته على امتلاك أفئدة