مثل المتهمان (سزار أزيدور برومنت) و (بروسبر نابليون كورنى) أمام محكمة جنايات (السين) لشروعهما عن عمد في قتل امرأة (برومنت) المتهم الأول!. . .
وزُجّ بهما في (قفص الاتهام) فراحاً يقلبان نظرات حائرة، ويرددان أنفاساً مضطربة. . . وكان كلاهما من أهل الريف.
وبدا (برومنت) ربعة قصير الذراعين والساقين. . . قاني الوجه مرصع الديباجتين بالبثور. . . وقد التصق رأسه الأكبس بجسده القميء الكروي. . . وما بينهما من عنق. . . وكان يقطن مدينة (كاشفيل - لا - جوبل) في ولاية (كريكتوت) ويقتات رزقه من رعاية (الخنازير) وإنمائها!. . .
أما (كورني) فرجل ضاوي الجسم غير فارغ القوام. . . يتدلى من كتفيه ذراعان مفرطان في الطوف. . . أشوه الوجه، أضجم الشدقين، أحول العينين. . . يرفل في كساء أزرق كالقميص، يطويه حتى الركبتين. . . وينسدل على جبينه العريض بعض شعيرات مصفرة اللون، تخلع على وجهه سمات بغيضة تعافها النفس ويمجها البصر. . .
وكان القوم يدعونه بالقس لما أوتيه من براعة في ترتيل الأناشيد بين جنبات الكنيسة. . . حتى هام به بعض الناس. . . في (كريكتوت)، وذابوا إعجاباً به وشغفاً بتسابيحه إلى الله! واستقرت في (منصة الشهادة) زوجة (برومنت) وهي فلاحة عجفاء بادية الهزال. . . تكاد أن تخر من الوهن، وتوشك أن تغرق في النوم. . . كانت واجفة واجمة لا تحرك ساكناً، وقد عقدت راحتيها في حجرها وراحت حدقتاها تدوران في بلاهة واضطراب. . . وتجلت في صفحة وجهها آيات من الجمود ودلائل من الخمود!. . . .
ابتدرها القاضي في صوت رفيق رقيق مستأنفاً مسعاه في التحقيق: -
(لقد أدركت - أيتها السيدة الفاضلة - أنهما اقتحما دارك. ثم ألقيا بك في (البرميل) المترع