للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[(سياسة) أرسطو]

للأستاذ عباس محمود العقاد

السياسة غِير كما يقولون

ولكن (سياسة) أرسطو شيء لا يتغير على الزمن لأنها تقوم على عمل عقل كبير، وقد تتغير النظم، وتتبدل الدساتير، وتختلف الحكومات، ويتفاوت الحاكمون، ويبقى العقل الإنساني في علمه دراسة صالحة لكل عقل، وميداناً فسيحاً لكل مشغول بثمرات العقول.

وكتاب أرسطو في السياسة هو الكتاب الثالث من كتب هذا الفيلسوف العظيم، التي زفها إلى المكتبة العربية رائد السياسة الديمقراطية في هذا الجيل، وأستاذ كتاب مصر في مطلع القرن العشرين، العلامة العامل في شبابه وشيخوخته، صاحب المعالي أحمد لطفي السيد باشا، مد الله في عمره، وهيأ له من الوقت والصحة ما يعينه على إتمام عمله والاحتفاظ بهمته وجهده.

ولا وجه للمقابلة بين مترجمات أرسطو إلى العربية من قبل ومترجماته إليها على يد العلامة الجليل.

لأن ما ترجم من أرسطو إلى العربية قبل اليوم إنما هو مقتبسات أو مرويّات في حكم المقتبسات، تصرّف في نقلها إلى هذه اللغة أناس مشكوك في علمهم باليونانية، مقطعة بجهلهم لأسرار العربية، منصرفون إلى غير الفلسفة أو قاصرون عن التوفر عليها، فلولا فطنة فلاسفة الإسلام، أو اطلاعهم على أرسطو في لغته الأصلية، لما وصل إلينا من فلسفة أرسطو هذا النصيب الذي سجلته الثقافة العالمية لثقافة العرب والإسلام.

أما هذه الكتب الثلاثة التي ترجمها الأستاذ الجليل - وهي كتاب الأخلاق، وكتاب الكون والفساد، وكتاب السياسة.

فهي أول شيء يسمى ترجمة للمعلم الأول بمعنى الترجمة الصحيح، وهي تعريف لقراء العربية بهذا الفيلسوف يضارع ما تهيأ للأمم الأوربية من العلم به في مجال هذه الدراسات. لأنه تعريف يجمع الشمول إلى التدقيق من جانب المترجم الكبير، ويؤلف ما تفرق من المقتبسات والمرويات فيقيمها بنية كاملة، تحيا بأعضائها، ولا تخفى بأشلائها، بين الصحائف والأضابير.

<<  <  ج:
ص:  >  >>