بدا في الأسبوعين الأخيرين تقدير الدولة للأدب والأدباء في أشخاص جماعة كرمة من رجال الأدب، فقد ظفر الدكتور طه حسين بك بجائزة فؤاد الأول الأدبية لهذا العام، وتفل مندوب جلالة الملك في الحفل الذي أقيم لذلك بالجامعة فصافح عميد الأدباء وسلمه الجائزة. وقد كان للعطف الملكي الكريم نحو الدكتور طه وقع حسن وأثر بليغ وخاصة في نفوس الأدباء، لما ينطوي عليه من التكريم والتقدير لعميدهم العظيم.
وانتخب أستاذنا الكبير احمد حسن الزيت عضواً بمجمع فؤاد الأول للغة العربية، ولم يكن من اللائق أن يظل الأستاذ بعيداً عن المجمع وقد ضم أقرانه من أعلام الأدب في مصر؛ وأن لانتخابه لمعنى من التقدير الخالص، فهو لا ينتمي إلى حزب يقدمه ولا شيعة تنصره.
وعين الأستاذ الشاعر على محمود وكيلاً لدار الكتب المصرية، وكان قد ترك خدمة الحكومة لملابسات اضطرته إلى الاستقالة، ولكن معالي الأستاذ على أبواب وزير المعارف مسح على آثار تلك الملابسات فأعاد للشاعر حقه. وإن لمعاليه فضلاً ملحوظاً في ذلك رددته الصحف وتحدثت به المجالس، إذ تعالى بهذا العمل وبتحيته السمحة للدكتور طه حسين في احتفال الجامعة في كل اعتبار من الاعتبارات التي اعتدنا أن نرى رجال السياسة عندما يضعونها موضع الاهتمام. ويضاف إلى ذلك عطف معاليه على الأستاذ محمد سعيد العريان؛ إذ أحله المحل اللائق به في الوزارة بعد أن تفاد فته الوظائف المختلفة على كره منه.
وإن الدولة، إذ ترعى الأدب بمثل هذه العناية وذلك الروح إنما تقوى الحركة الأدبية في الآمة وتنمي ثروتها الفكرية الخالدة وإذا كانت الدولة تهتم بتقويم الجيش وتعزيز أسلحته للدفاع عن حرية البلاد واستقلالها، فإن أقلام الأدباء لها شأنها في الدفاع المعنوي ضد كل الشرور والآفات إلى ما تضطلع به من رسم المثل وتحقيق الغايات البعيدة والقريبة.