للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لا أقصد هذه الأغاني الرخوة التي يشكو بعض الناس من أذاعتها على أبنائهم وبناتهم إذ يخشون بأسها على أخلاقهم ولا أقصد تلك الألحان المثيرة التي أذاعتها الإذاعة فاعترض عليها فضيلة الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر وأقنع إدارة الإذاعة بأنها تنافي الحياء، فاقتنعت. وكثيراً ما تخطيء الإذاعة، وقليلاً ما تهتم بإصلاح الخطأ، ويكون هذا القليل من قبل ما لا قبل لها بدفعه.

ولندع هذا، فما إليه قصدت، إنما أقصد الأدب بالمعنى الفني وما إليه من ألوان الفكر والثقافة. والأدب في إذاعتنا المصرية قليل من زمان، ولكنا نراه أخيرا يكاد يمحى في برامجها، وقد كانت تذيع سلسلة اسمها (أعلام الأدب العربي) وقد قطعتها منذ شهور. وحسناً فعلت، فما كان هذا البرنامج إلا صفحات من مذكرات تاريخ أدب اللغة في المدارس الثانوية، وليست أدري هل منعتها الإذاعة لتفاهتها وسخفها أو لغير ذلك، ولكن هلا فكرت في برنامج أدبي آخر؟ ويقولون أن في الإذاعة قسماً لسماع الإذاعات الأجنبية للاستفادة من برامجها، فهلا استمع هذا القسم إلى الإذاعات العربية المختلفة التي تقدم ألوانا حية من الأدب العربي قديمه وحديثه. وفي العام الماضي قام مدير الإذاعة برحلة إلى عواصم أوربا لزيارة دور الإذاعة فيها والاطلاع على برامجها. . . أفلا قام بزيارة لدور الإذاعة العربية ليرى كيف تنتفع بالكفايات الأدبية وخاصة المصرية؟ وقد زار فيما زار دار الإذاعة البريطانية، فهل عرج على القسم الأدبي فيها ورأى الجهود المصرية الأدبية فيه؟.

ومما كانت تقدمه الإذاعة من ألوان الأدب وأمسكت عنه التعريف بكتب الأدب العربي القديمة، وكان يقوم بذلك الأستاذ على أذهم على خير وجه، ويعلم علام الغيوب لم منعت الإذاعة هذا البرنامج، وتقول هي في مجلتها أنها تهتم بالأحاديث التي تعالج الشؤون الحيوية والمسائل العامة، ولنفرض أن المستمعين جميعاً. أغلقوا أذهانهم وأذواقهم دون الغذاء الأدبي والفكري وأصبحوا لا تعنيهم إلا المنافع المادية القريبة، فلماذا تقدم لهم الإذاعة؟ نظرة واحدة إلى البرنامج - ولا أجشمك الإصغاء إليه - ترى منها أن اكثر الموضوعات لا فائدة منها، فهذا (أهم حوادث الأسبوع) يتلو عليك ما نشرته الصحف من أيام، وكذلك البرلمان في أسبوع، وهذه أحاديث يلقيها كبار الموظفين كالنشرات التي تصدرها المصالح بالإحصاءات وما تم من الأعمال وما أدرج في مشروع الميزانية إلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>