مالت السيدة الوضيئة جانباً، وهي جالسة على مقعد وثير مغطى بالمخمل الأحمر في عربة فاخرة من عربات السكة الحديدية!. وقد ضمت أناملها البضة الرقيقة مروحة مريشة أنيقة الصنع رائعة الوشى. . . راحت تهتز وتتراقص عن يمين تارة وعن شمال!. .
وطفق المنظار المعلق على أنفها الدقيق الفاتن لا يقر له قرار، بينما بدت (الحلية الماسية) مشرقة تتألق على جيدها كزورق يسبح في ماء المحيط!. .
وجلس في مقعد قبالتها الناموس الإقليمي للجمعيات الخاصة وهو شاب حديث المنبت في الأدب، يخرج على القوم بين حين وحين بقصص طوال - من النسق الرفيع كما يحلو له أن يسميها - ينشرها في جريدة الإقليم. .
راح يحملق في صفحة وجهها، ويحدق عن قصد لا يحول. . بعين العارف الخبير! إنه يتأمل ويدرس. . ويتصيد ظلالا عابرة وأطيافاً حائرة بين ثنايا هذه الطبيعة المبهمة، والغموض يكتنفها!، إنه يحاول أن يفهمها ويسبر غورها. . . فروحها ونفسها. . . كلتاهما مبسوطة بينه الجلاء أمام ناظريه. . .
ثم لم يلبث أن قال لها، وهو يلثم رسغها البض على مقربة من السوار!.
(أه. . . لقد أدركت!. أدركت إلى أبعد مدى ما يدور بين جوانحك. . إن روحك ذات الحس المرهف والأمل الطامح. . تسعى في سبيل الخلاص من ربقة الحيرة الطاغية، والفكاك من أسر القاتل! إنه لصراع عنيف (نضال مخيف! ولكن تمالكي روعك وأمسكي عليك صوابك وتذرعي بالصبر فلسوف يأتيك الفوز من حيث لا تعلمين. . . أجل!)
فقالت السيدة الأنيقة في صوت خفيض مضطرب النبرات، وقد علت وجهها بسمة حزينة:(أكتب عني يا (فلدمار). . .
إن حياتي عامرة مختلفة ألوانها!. زاخرة بالمال والذهب. . بيد أني - على الرغم من ذاك