للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[غرضان أساسيان]

للأستاذ محمد محمد المدني

غرضان أساسيان يجب أن يرمي إليهما كل من تهمه حالة الأمة الثقافية، ويغار على مستقبل الدين والشريعة واللغة العربية؛ ولا أعتقد - مهما تعددت الآراء، وتقارعت الحجج أن أحداً ينازع فيهما على الحقيقة، أو يغض النظر عما تجنيه الأمة من إصابتهما.

هذان الغرضان هما:

١ - توحيد الثقافة العامة بين أبناء البلاد.

٢ - الاحتفاظ بما تفردت به مصر - بفضل الأزهر - من تخريج طائفة من العلماء بعضها يبرز في الدين، وبعضها يبرز في الشريعة، وبعضها يبرز في اللغة العربية.

والأول من هذين الغرضين أمر طبيعي بالنسبة للأمم، ذلك بأن الأمة السعيدة الهانئة المثمرة القديرة على أن تؤدي رسالتها في الحياة، هي الأمة المتقاربة ثقافة، المنسجمة عقولاً، المتفاهمة أفراداً، المتوحدة النظرة إلى نواحي الحياة. ولا تجد أمة تفرقت بها الأسباب في الدين أو اللغة أو الأفكار أو الآمال أو الآلام أو الغايات إلا كانت أمة مقضياً عليها بالقصور والضعف والخمول والتقطع والانحطاط والذل.

والثاني من هذين الغرضين أمر عظيم قد ندبت له العناية الإلهية مصر من بين سائر الأمم، وجعلته من أسباب زعامتها على العالم العربي، وكان لها ذكرا في الأولين، وسيبقى لها - إن شاء الله - لسان صدقاً في الآخرين.

على هذا الأساس يجب أن يدور الكلام، وبهذا الميزان يجب أن توزن الآراء، فالنظام الذي يستطيع معه الأزهر أن يحقق هذين الغرضين، هو النظام الحسن المقبول، وأي نظام يظلم أحدهما أوكليهما يجدر بنا أن ننظر إليه في احتياط وحذر.

والأستاذان الكبيران: الزيات والعقاد، يقرران هذا، فهما حين يدعوان إلى توحيد الثقافة العامة لا يغضان النظر عن رسالة الأزهر، ولا عن حاجة الأمة الإسلامية لهذه الرسالة.

فالأستاذ الزيات يقول: (إن العالم لا يسعد إلا بالدين، وإن الدين لا يجدد إلا بالأزهر، وإن الأزهر متى استكمل أداة التعليم، وساير حاجة العصر، نهض بالشرق نهضة أصيلة حرة، تنشأ من قواه وتقوم على مزاياه وتتغلغل في أصوله. ذلك لأن ثقافته المشتقة من مصدر

<<  <  ج:
ص:  >  >>