إن خطابك المؤرخ في ١٦ من هذا الشهر قد تضمن من الحماقات ما تضمنه كل خطاب تضمنه كل خطاب تكتبه لأن المركز الذي وضعت نفسك فيه سببه فقدانك التروي والتعقل. . .)
بهذه الألفاظ بدأ هنري وارنج خطابه الذي كان يمليه على كاتبته وهو جالس إلى مكتبه وهي بجانبه تكتب على الآلة الكاتبة. ثم نهض متبرماً ومشى وعلائم الملالة والسأم بادية عليه حتى وصل إلى النافذة فأطل منها ثم أخرج من جيبه خطاب ابنه فأعاد تلاوته وهو يتأفف وقال:(خمسون جنيهاً! هذا كثير! هذا تصرف غير معقول)
ثم عاد إلى السكوت وإلى الإطلال من النافذة فنبهته الكاتبة قائلة:(ألا تريد إتمام الخطاب؟).
فمشى نحوها ووضع يده على كتفها برفق وقال في صوت يتصنع فيه العذوبة:(لقد كنت شارد الذهن - إن ابني الشقي -).
وتنهدم ثم قال:(إن ابني يعاملني معاملة سيئة، فقد رفض مساعدتي إياه على اختيار عمل مناسب واشتغل بحرفة التمثيل ثم تزوج من ممثلة تعسة).
وكان الأب يرتعش عند ما ذكر الجملة الأخيرة. فقالت الكاتبة:(هل هذه الممثلة جميلة).
قال هنري:(إنني لم أرها ولا أريد أن أراها). فقالت الكاتبة:(والخطاب؟).
قال:(اتركيه الآن). ثم أنعم نظرة في عنق الكاتبة وذراعيها وقال:(ألا تتعبين من العمل يا مس ماسترز؟).
فقالت: إنني أتعب كثيراً ولكن لي جلداً على العمل.
قال: ألا تحبين التنزه و. . . والسرور؟ فقالت: إنني أجلس أحياناً في مقهى من مقاهي حي