للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[فصول ملخصة في الفلسفة الألمانية]

٨ - تطور الحركة الفلسفية في ألمانيا

للأستاذ خليل هنداوي

شوبنهاور

١٧٨٨ - ١٨٦٠

هذا هو شوبنهاور الذي طبع الفلسفة الألمانية بطابع التشاؤم، فتركها مظلمة قاتمة، يخال الجانح إليها أنه نازل في أنفاق بعضها أقتم من بعض. نشأ نشأته الأولى بهدوء وسكينة، لا يكاد الناظر إلى وجهه النحاسي يتبين أن وراء هذا الوجه خيوطاً سوداء متصلة بقلبه الأسود؛ وقد خانه الجد في أول عهده كما يخون العظماء، فكبا فاستثقل أن ينهض من كبوته، فما زاده ذلك إلا حقداً على الناس ومبالغة في الانتقام منهم. اتخذ رسله إلى الناس الكتب؛ فكان أول كتبه (الجذور الأربعة لمبدأ السبب الأتم)، فخاض كتابه في صفوف الناس فلم يلق إلا فشلاً، لأنه لا يزال خامل الاسم، ولما تزل سحابة الحزن مخيمة على ألمانيا المغزوة المجرحة، فالناس في شغل عن الفلسفة والفلسفة في شغل عنهم، ولكن شوبنهاور المتشائم لم يثنه ما أصاب كتابه عن مواصلة السعي، فأعد عدته لحدث عظيم يترك وراءه دوياً، فقذف بكتابه (العالم إرادة وتمثيل) وهو خير كتبه، وأكثرها تمثيلاً لشخصيته فيه من فلسفته الشيء الكثير، ومن الشعر الشيء الكثير. . . ولكن ذلك لم يقعد ببعض حاسديه عن أن يحملوا على الكاتب وينالوا منه. فاستهل مطلع الجزء الثاني من كتابه بهذه الأبيات (وهي لغوتي)

(لماذا تنفر منا؟

وترمي بآرائنا. . . .

وترمي بآرائنا. . . .

أنا لا أكتب لأسرك وأبهجك

ولكني أكتب لأعلمك شيئاً)

<<  <  ج:
ص:  >  >>