للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في الأدب الإنجليزي]

٣ - الكائنات الغيبية في شعر شكسبير

بقلم خيري حماد

لم يحاول شكسبير إظهار شخصيته من خلال رواياته، ولكن كارليل يقول عنه: (إن روايات شكسبير هي كنوافذ متعددة يظهر من خلالها ما كان يدور في نفسه من الأفكار والخواطر). ومن كل رواية من رواياته يمكننا أن نتبين الحالة العقلية التي كان فيها لما أنشأها وكتبها. ففي هملت لم يكن تفكيره محصورا إلا في البحث في الأشباح، بينما كان في مكبث مشتغلا بالسحر والسحرة

وفي كل من روايتيه تتحقق النبوءات التي تتنبأ بها الأشباح والساحرات. ولكن هناك ثمة فرقا ضئيلا بين كل من الروايتين، وذلك الفرق هو أن نبوءات الشيخ في هملت هي من أمور الماضي بينما هي في مكبث أمور المستقبل

وقد قال جبسن عند كلامه عن العاصفة ما يؤكد هذه النظرية، فهو يقول: (هل كان في استطاعة شكسبير أن يجعل من جميع هذه النبوءات الخيالية حقائق راهنة إن لم يكن يعتقد الاعتقاد كله بهذه الأمور من عالم الخيالات والأشباح؟)

وفي رواية الملك هنري الرابع نرى هتسبر يعارض اعتقاده جلندرو أن في استطاعته أن يسخر الأرواح والشياطين في مهامه الخصوصية، فهو يتحداه بقوله: (إنك تعتقد أن في إمكانك مخاطبة الأرواح ولكن هذا في استطاعتي أنا وفي استطاعة أي رجل آخر. وقد فاتك يا هذا أنها لا تجيبنا عند ما ندعوها أو نخاطبها)

وهذا الشك لا يلبث أن يزول عندما يقدم جلندور البرهان الكافي فتخاطبه الأرواح كأنه فرد من جنسيتها؛ وهذا الاعتقاد بالخرافات كان مستوليا على شكسبير لدرجة عظيمة حتى أنه كان يضع المحبين والمجانين والشعراء في مصاف من يستطيعون الاتصال بالعالم العلوي، وفي رواية هنري السادس نراه يجمع بين ما هو في عالم العقائد وما هو في عالم الخرافة، وقد لخص عقيدته في رواية هملت إذ يقول: إن هناك في السماء أمورا عدة يا هوراثيو

<<  <  ج:
ص:  >  >>