مما ليس في استطاعة العالم البشري فهمها أو التفكير فيها)
أو حين يقول في رواية أخرى:
(يقولون إن زمن المعجزات قد انتهى وآن لنا أن نفكر في كياننا الفلسفي فقط فنجعل من الخرافات مسائل عصرية يقبلها العقل ويسيغها المنطق. ولما كنا نستهزئ بالمخاوف والأشباح متسترين برداء من العلم والمعرفة فعلينا ألا نكون عرضة لمخاوف غير مرئية وهذا مما لا يتأتى لنا)
إن في استطاعتنا أن نستنتج من هاتين الفقرتين السابقتين أن شكسبير كان يؤمن بالخرافات والغيبيات، فهناك عدد غير قليل من الأمور التي ليس في استطاعتنا فهمها أو التعبير عنها. فلا يمكن مثلا إنكار وجود عدد من المعجزات التي يكثر حدوثها فوق ظهر هذه البسيطة، وما العالم العلوي إلا محيط لا يمكننا حل ألغازه وتفهم معانيه. فإن من طبيعة البشر أن يكونوا خاضعين لعالم غير عالمهم يجهلونه ويخافونه، وما المحاولات التي يقوم بها العلماء لإسناد كل ظاهرة طبيعية إلى عاملها العلمي إلا محاولات خالية من الإقناع وعن طريق البرهان
قلنا إن شكسبير كان يؤمن بعدد من المخلوقات المغيبة، وقد جمعها في رواياته محاولا إظهارها بصورة رائعة من الخيال والسمو الفكري، وأولى هذه الأنواع وأهمها هي ظاهرة الجنيات
الجنيات
إن هذه الجنيات هي بقايا العبودات والآلهة المحلية التي كانت سائدة على القرى الإنكليزية في عصر من العصور، وما العقيدة الشائعة أن هذه الجنيات قد تسلسلت من الآلهة اليونانية والرومانية القديمة إلا حديث خرافة لا أصل له من الصحة والصدق. وهناك نفر غير قليل من النقاد يرجعونهن إلى أصل بشري، فما هن إلا ذرية سكان بريطانيا الأقدمين الذين طردهم الكلت عند استيلائهم على البلاد، فلم يجدن غير الغابات ملجأ يلجأن إليه ومكانا يستطعن العيش فيه مدة حياتهن القادمة، وأصبحن يعرفن فيما بعد بالجنيات
وهذه المخلوقات العجيبة كانت على أنواع عدة، فمنها ما هو أسود اللون، ومنها ما هو أخضره آو أبيضه أو رماديه، وفي كثير من الروايات يصفهن شكسبير، فهو يقول في