للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الاقيانوغرافيا]

أو تقويم المحيطات

بقلم الدكتور حسين فوزي. مدير إدارة أبحاث المصائد

- ٢ -

أرموريك بلاد الأنواء! رابضة في درعها الجرانيتي عند الطرف الشمالي الغربي من فرنسا بين المانش والأطلنطيق. نشأ حول أخاديدها وجوناتها وخلجانها قوم من المجازفة عركوا أهوال البحر جنوبي أسلندة وشرقي الأرض الجديدة. ومن تلك الخلجان والجونات خليج دوارنينيه تشرف عليه من نواحيه المحمية من الريح الصرصر غابات الصنوبر. وهو في أغلب أنحائه عار أجرد تحف به منازل صيادي السردين قائمة إلى جانب الكنائس البريتونية المنحوتة من الجرانيت. عابسة للمحيط عابس لها. صامدة للعواصف تتلقاها على أسنة أبراجها الغوطية. الوقت منتصف الليل وقد شهدت نسوة الصيادين عند غروب اليوم عودة النوارس فازعة من عرض البحر. فوجفن للعاصفة وارتفعت أبصارهن إلى صور العذراء وتماثيلها في أركان القرية وتحت أعطاف الكنيسة وفوق الأسرة الخشبية يتعوذن بها لتحمي أزواجهن وأولادهن وعشاقهن من هول النوء المهاجم. وفي أشد ما يكون صرير النوء تنصت نساء سانتان دي لايالود وأوديرن ودوارنينيه إلى أصوات نواقيس تتصاعد من أعماق الخليج. تلك نواقيس عاصمة كورنواي الغارقة. (أيس) حاضرة الملك جرالون حامي حمى المسيحية الأولى في أشخاص قديسيها رونان وكورنتان وجينوليه. من دون أبنته داهوت التي ركبت مركب الشيطان ففتحت المغاليق التي تحمي مدينة أيس من الاقيانوس. يصيح سان جينوليه (البحر يا مولاي. بادر إلى جوادك) فيمتطي الملك جواده. وتقفز داهوت خلفه. ويحاول عبثا أن يلحق بالقديس السابح بجواده فوق العباب.

- النجدة ياجينوليه!

- ألق تلك الملعونة في اليم أو أنت من الهالكين.

وإذ تبتلع الأمواج داهوت يواصل الملك سراه حتى يوقفه جينوليه فيتلفت خلفه باحثا عن عاصمة كورنواى فإذا (أيس) لا أثر ولا عين طغت عليها أمواج خليج دوارنينيه.

كذا جاءنا حديث الخرافة بخبر مدينة (أيس) الغارقة. وخبر غيرها من المدائن. ليونيس

<<  <  ج:
ص:  >  >>