للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

السيدة أيدس

عن الإنكليزية

بقلم السيدة الفاضلة منيبة الكيلاني

تستدير من حول مقاطعة كنت في إنكلترا قطعة من الأرض وتستنيم إلى ساحل البحر فيما يشبه في علم الجغرافيا الرأس وتقوم عليها قلعة من قلاع القرون الوسطى وتحدق بهذه القلعة آجام تمد الصناعة بالكثير من الأخشاب وتمد الصيد بالوفير من الطيور والحيوان.

وتستدير هنا وهناك برك من الماء اللجيني تضاحك الشمس عامة النهار وتغازلها ساعتي المغيب والشروق بما يصبى بنات الهديل في أيام الربيع فتتسارع من غصن إلى غصن ترتل النشيد الذي يملأ النفس خشوعاً.

ولفرط ما تشابكت أشجار الكستناء وتعانقت أغصان السنديان فقد أضحى الدرب الذي يسلكه السالك إلى بيت السيدة أيدس تسوده الظلمة حتى قبل أن يحلو لك الأفق بوقت طويل وقبل أن يمحو الليل خطوط الشفق. أما القمراء وما فيها من سحر وفتون فما كانت لتعرف هذا الدرب ولا تستطيع أن تنفذ إلى ثناياه مهما كانت أشعتها خارقة، غير أن الصمت والهدوء الذي يستفز الخاطر استفزازاكانا يعرفان درب منزل السيدة أيدس ويخيمان فيه طويلاً. . .

ولقد كانت الليلة التي نسجل أحداثها إحدى ليالي نوفمبر وقد أنتشر الثلج من ذلك العام، والدرب ساكن هادئ كأنه قد تردى بأكثر من ثوبه المعتاد صمتاً، فما كان ليسمع فيه أبداً غير وقع أقدام الرجل الذي يسلكه في تلك الساعة وغير نباح كلب ليس بالبعيد، ولقد كان وقع الأقدام لفرط السكون من جهة ولطبيعة الدرب من جهة اخرى يأتي بصدى غريب كأنه وقع لأقدام متأثرة ملحاحة تريد القبض على السالك، وتغذ السير للحاق به، وكلما أراد الرجل أن يخفف الوطء ويقلل من وضع القدم ألفى أن الصوت لا يخف فإن هناك من الأغصان اليابسة والأوراق المبعثرة وغيرهما مما يقبل الإنقصام تحت قدميه المنذعرتين ما يكفي لمضاعفة الصوت. وليس هذا وحده بل إن هذه العقبات قد أكدت على السالك

<<  <  ج:
ص:  >  >>