وإعترضت سرعته فحدت منها، ولم يكن شأنه ليحتمل شيئاً من ذلك. . .
ولقد بلغ أخيراً دار السيدة أيدس وهو كوخ قد انتبذ مكانا قصياً في آخر الدرب، فلما بلغه استأنى لحظة ثم عبر البقعة المعشوشبة مما يلي شباك الكوخ الذي لم يكن عليه ستائر فكان النور ينبعث من زجاجة إلى الخارج.
واستطاع أن يبصر بالسيدة أيدس تنحني فوق الموقد وتخرج منه إبريق الشاي أو شبهه وتؤجج النار، فساورته بعض الفكر وتردد بين أن ينفذ إليها من الشباك أو أن يعوج إلى الباب فينسل إلى داخل الكوخ من هناك، وتلبث حيث يقف، فبان شعره الأحمر وقامته الممشوقة وأثوابه المتواضعة ووجهه المكدود الذي يعرب عن أنه من صنف العمال أو الأجراء الذين لا يصيبون من أعمالهم فوق ما يمسك الرمق كثيراً. ولم يفتح عليه تدبره الموضوع من حيث ولوج الباب أو الشباك برأي فقد كان مضطرباً، ولكنه وطد العزم هذه المرة فجأة على أن ينفذ من الباب في حكمة وأن يفعل ذلك من دون أن يقرعه وبدون أن يستأذن وهكذا فعل. ولما سمعت السيدة أيدس تلك الحركة استدارت مسرعة وقالت:
ماذا: أهذا أنت يا بيتر كروج؟ لم أسمعك تقرع الباب
قال: إنني لم أقرع الباب يا سيدتي إذ أني لم أرد أن يسمع ذاك أحد قط
قالت: ولماذا؟
قال: لقد نزلت بي نازلة، وكانت يداه ترتجفان ولونه ممتقعاً
قالت: فماذا صنعت؟
قال: لقد قتلت يا سيدتي أيدس
قالت: أأنت فعلت هذا؟
قال: نعم أنا الذي أطلقت الرصاص!
قالت: أو قد مات؟
قال: لست أدري.
وسادت لحظات من السكون حيث يقفان من مطبخ الكوخ حتى أنذرهما إبريق الشاي بصوت غليان الماء، فدلفت إليه السيدة أيدس على غير وعي وأزاحته عن النار قليلاً. . .
وكانت السيدة أيدس هذه نحيفة يبدو عليها أنها تنازعتها الأسقام زمناً، وهي صغيرة الحجم