يعد إرنست همنجوي في طليعة الكتاب الأمريكيين المعاصرين بل أحد كبار أدباء العالم الأحياء. وقد صدر له مؤخراً كتاب صغير بعنوان (الرجل المسن والبحر) لا يتجاوز ٢٧ ألف كلمة، كتبه وهو في مصيفه في كوبا. وقد أثار هذا الكتاب فضول النقاد وجمهور القراء قبل صدوره؛ وهذا لأن مجلة (لايف) الأمريكية التي يزيد ما يباع منها على خمسة ملايين نسخة نشرت الكتاب بأكمله فيعدد من أعدادها قبل أن تذيعه دار النشر بأحد عشر يوماً.
وللمرة الأولى ينشر كتاب بأكمله في عدد واحد من مجلة ما. وقد علق المؤلف الذي تقاضى من الجلة المذكورة أكثر من ثلاثين أف دولار على ذلك بقوله: لقد استفزتني فكرة نشر الجلة للكتاب بحيث يكون في متناول مئات الآلاف من القراء مقابل عشرين سنتاً. وقد سرني هذا العمل أكثر مما لو كنت ربحت جائزة (نوبل).
وقد مهدت المجلة للكتاب بكلمة مناسبة وأرسلت قبل نشره بعدة أسابيع مسودة كاملة لمئات النقاد والصحفيين. أما موضوع الكتاب فهو أن صياداً مسناً من كوبا بعد أن قضى ٨٤ يوماً متجولاً بزورقه في البحر دون أن يصطاد شيئاً أمسكت صنارته في اليوم الخامس والثمانين سمكة ضخمة. ولما كان وحيداً لم يستطع جذب صنارته بصيدها الثقيل ولا شد حبلها إلى الزورق فاضطر إلى أن يظل في جذب ودفع مع السمكة أياماً وليالي يمضه الجوع والتعب والألم ويحز الحبل يده. وأخيراً تمكن من إمساك السمكة وربطها إلى زورقه، ولكنه عاد يكافح في طريقه كلاب البحر ويحاول ردهم عن السمكة. غير أنه لم يبلغ الشاطئ إلا بعد أن كانت كلاب البحر قد نهشت السمكة ولم تبق منها سوى هيكلها العظمي.
هذه هي القصة ببساطتها وروعتها وهي تعد في نظر القسم الأكبر من النقاد أبدع ما كتب همنجوي حتى الآن. أما فقد قال عنها إنها زبدة ما تعلمه في حياته.
من شروط القصة
انصرفت أفكار الكتاب أخيراً إلى البحث في حدود القصة وشروطها وأهدافها. ومثل هذا