قرأت في (الرسالة) كلمة للأستاذ محمد عبد الغني حسن عن استهانة الجمهور بقواعد اللغة العربية، وقد ضرب الأمثال بما يقع من الأغلاط النحوية والصرفية في الإعلانات، وتلطف فقدم إلي تلك الأمثال (هدية متواضعة) لأطبْ لها ونظائرها في المدارس الأجنبية، كأن إنشاء الإعلانات بالعربية مقصور على المتخرجين في تلك المدارس!
وأجيب بأن الأستاذ قد أشتط في تصور لغة الإعلانات، فمن القبيح حقاً أن ينصب جمع المذكر السالم وملاحقاته بالواو فيقال (ثلاثون) في مكان (ثلاثين) كالذي وقع في الإعلان الذي نص عليه، لكن من الواجب أن نتسامح حين نرى الإعلان يقول:
(نظراً لكونه صنف جيد)
فنصبُ كلمة (صنف) في خبر الكون من الدقائق النحوية، وهي لا تُطلب من موظف صغير في مخزن بنزيون أو مخزن سمعان، وكيف وهي من الألغاز عند طلبة الأزهر الشريف؟
ولو أن الأستاذ تأمل لعرف أن الموظف الذي نصب ثلاثين بالواو لم يقصد إلا الإفصاح، فهو يسمع الناس جميعاً يقولون ثلاثين، ومن هنا صح عنده أنها لا تكون منحاة إلا إن كانت (ثلاثون) لأنه يتوهم أن العامي هو الذي يسير على ألسنة الناس!
ومثل ذلك ما وقع في الإعلان عن رواية سينمائية أسمها:
(الرجل ذو الوجهان)
وما رسمها الخطاط كذلك إلا لتوهمه أن (الوجهين) عامية لأن الجمهور لا ينطقها في لغة التخاطب إلا بهذه الصورة في جميع الأحوال.
والحق أننا نسرف في محاسبة الناس على الأغلاط النحوية والصرفية، ولو أنصفنا لعرفنا أن التمكن من النحو والصرف لا يتيسر لجميع الناس. وإلى هذا الصديق أسوق العبرة الآتية:
كان من عادتي حين يتحدث رجل مسئول في الإذاعة اللاسلكية أن استمع وبيدي قلم وأمامي قرطاس لأسجل ما يقع في الحديث المذاع من الأغلاط النحوية والصرفية، ثم