أطلب المتحدث بالتليفون فأنبهه إلى تلك الأغلاط برفق، إن كان من الأصدقاء أو أشير إليها في مقالاتي إن كان (أيضاً) من (الأصدقاء).
ثم اتفق أن أذاع الأستاذ الدمرداش مراقب الامتحانات بوزارة المعارف حديثاً عن رحلة في (وادي دجلة) شرقي المقطم فاستمعت وبيدي قلم وأمامي قرطاس، وما زلت أعد الأغلاط النحوية والصرفية حتى مللت، مع أني أصبر الرجال على المكاره وأقدرهم على تحمل الأرزاء.
فكيف كانت حالي بعد ذلك؟
هل تراني نفضت يدي من الثقة بكفاية الأستاذ الدمرداش مراقب الامتحانات بوزارة المعارف؟
وكيف وهو رجل فاضل بشهادة الجميع؟
لم يتغير رأيي في الأستاذ الدمرداش من حيث أنه موظف كبير يؤدي واجبه بنشاط ملحوظ، وإنما اكتفيت بإضافته إلى من تصعب عليهم مراعاة قواعد اللغة العربية في الخطابة والحديث وهل أدعى الأستاذ الدمرداش أنه من أقطاب الأدب العربي حتى نحاسبه على الخطأ في النحو والصرف؟
يكفي أن يستطيع مثل هذا الرجل الفاضل أن يؤدي أغراضه بعبارة واضحة جلية، وإن خلت من الدقة في التعبير، لأن الدقة في التعبير لا تطلب ولا تنتظر إلا من أعيان البيان، ومن كان في مثل عقله لا يدعي ما لا يطيق.
قد يقال إن من حق التلامذة أن يطلبوا التغاضي عما يقع في أجوبتهم من أغلاط يقع في مثلها مراقب الامتحانات بوزارة المعارف.
وأجيب بأن هذا اعتراض مردود، فالأستاذ الدمرداش بعُد عهده بقواعد النحو والصرف، ولا يُطلب فيمن كان في مثل حاله غير الوصول إلى الغرض بأسلوب مفهوم وإن كان غير دقيق.
ولم يكن الأستاذ الدمرداش أول من حار بين الخطأ والصواب، وإنما اتخذت الشاهد مما وقع في حديثه الجميل، لأنه رجل تهمه الدقة في كثير من الشؤون، ولأنه بحكم وظيفته العالية يسره - أو لا يؤذيه - أن يكون النقد صدقاً في صدق