ملك بني مرين يعم المغرب الأقصى، ويرث دولة الموحدين. وهذا سلطانهم السادس يوسف بن يعقوب بن عبد الحق (٦٨٥ - ٧٠٦هـ) يسير الجحافل لتمكين ملكه، ويجتهد ليكسو الدولة المرينية رونق الحضارة، ولكن جماعة من بني مرين حسدوا بني عمومتهم على السلطان، ونفسوا، وزعموا أنهم أحق منهم بميراث عبد الحق فثاروا على السلطان يوسف، اعتصموا بجبال ورغة، فأنزلهم السلطان من صياصيهم وألحمهم السيف. فأشفق أعياص بن مرين على أنفسهم ولحقوا ببني الأحمر بالأندلس سنة ٦٨٦
ثم رجع إلى المغرب بعد سنين أحدهم: عثمان بن أبي العلا إدريس بن عبد الله بن عبد الحق، لينازع بني عمه السلطان، فثار في جبال غمارة فاشتملت عليها ناره واستطارت منها ثورته، فعمت بلاد كثيرة، ولجأ إليه كل مخالف من بني مرين وغيرهم.
ومات يوسف وعثمان في ثورته فخلفه ابنه أبو ثابت (٧٠٦ - ٧٠٨) فسير الجحافل إلى عثمان فهزمهم، ومد على رغم أبي ثابت سلطانه إلى بلاد أخرى فنهض أبو ثابت نفسه في جنود لا قبل لعثمان بها فخلى البلاد واعتصم بسبته، وهي يومئذ في قبضة بني الأحمر
ومات أبو ثابت فخلفه أخوه أبو الربيع سنة ٧٠٨ واصطلح بنو مرين وبنو الأحمر فضاق المغرب على عثمان بن أبي العلاء فولى وجهه شطر الأندلس فيمن تبعه من قرابته.
لم يكن للمسلمين في الأندلس إلا مملكة غرناطة الضيقة وقد ألح العدو عليها وصمم على محوها. واستمات في الدفاع عنها المسلمون إذ كانت الملجأ الأخير، والوزر الذي ليس وراءه إلا الموت أو الاستعباد. وكان بنو مرين يرسلون جيوشهم مدداً لبني الأحمر حيناً، ويسيرون إلى الجهاد بأنفسهم حيناً. وكان أولو النجدة والصرامة، كأبي العلاء، يفدون على الأندلس مجاهدين مرابطين غضبا لدينهم، وحمية لإخوانهم.
جاء عثمان الأندلس فتولى (مشيخة الغزاة) وحسن بلاؤه، وعظمت مكانته فكان شجى في حلوق الأسبان، وكان غصة لبني الأحمر شاركهم في سؤددهم حتى كان يستأثر بالأمر دونهم وهو من قبل خصم قومه ملوك المغرب، ثار عليهم وزلزل دولتهم زمانا. لم يكن