للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الحقائق العليا في الحياة]

الإيمان. الحق. الجمال. الخير. القوة. الحب

للأستاذ عبد المنعم خلاف

الإيمان والعلم:

لا حاجة بنا إلى إفاضة القول في أن العلم بمعناه الحالي - وهو اليقين والإثبات المبني على التجربة والمشاهدة الحسية - إنما هو من أدوات الإيمان بالخالق المدبر. فلو فرضنا وقالت كل الفلسفات والجدليات إنه ليس هناك خالق للكون لظل العلم وحده يقول بوجود ذلك الخالق. لأن كل ما في الطبيعة يشير ويصيح بأن له خالقاً عالماً يقف أمامه العقل العلمي حائراً دهشاً من سر صنعته وتركيبه وإعداده الأشياء للحياة!

واعتقادي أن أكبر خادم للإيمان هو العلم الكوني، وأن المختبرات والمعامل لو أنصف الناس لعدوها من أقدس المحاريب التي يعبد فيها الإله وينعت بما يليق بكماله وجلاله.

والإلحاد بين علماء الطبيعة أقل منه في أي طائفة من طوائف علماء العلوم أو الفنون الأخرى. ولذلك قال القرآن (إنما يخشى الله من عباده العلماء) وصدر الآية يدل على أن العلماء هنا مقصود بهم علماء الطبيعة والمتأملون فيها إذ يقول (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها، ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود، ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك. إنما يخشى الله من عباده العلماء)

ولو أن علماء الطبيعة يدخلون معاملهم ومختبراتهم مستحضرين روح العبادة كما يفعلون إذ دخلوا إلى المعابد إذاً لتنزل عليهم إلهام وتوفيق ولذات لا تفنى.

العلم لا سلطان له على البحث في ذات الخالق لأنه ليس من مجاله فمجاله ما يقع تحت الحواس، وإنما يستطيع أن يستنتج صفات الخالق. وهو في هذا الاستنتاج يلتقي مع الفلسفة، فأرسطو الفيلسوف وأرسطو العالم الطبيعي التقيا في إثبات (السبب الأول) وكذلك اسحق نيوتن الفيلسوف والعالم التقيا في قوله (إن خالق هذا الكون على علم تام بعلم الميكانيكا!) وقل مثل ذلك في بقية العلماء الإلهيين كباستور وغيره من العلماء الذين إن

<<  <  ج:
ص:  >  >>