لماذا أقدمت ألمانيا على تصرفها الجريء فأعلنت إلغاء ميثاق لوكارنو واحتلت منطقة الرين المجردة في هذا الظرف العصيب الذي تجوزه أوربا؟ لقد شرحت ألمانيا وجهة نظرها وبسطت البواعث التي أملت بتصرفها في مذكرتها التي قدمتها إلى الدول الموقعة على ميثاق لوكارنو في السابع من مارس؛ وكذلك على لسان زعيمها الهر هتلر في الخطاب الذي ألقاه في نفس اليوم في مجلس الريخستاج؛ وتؤكد ألمانيا في الوثيقتين أن السبب المباشر لتصرفها هو عقد الميثاق الفرنسي الروسي الذي أبرم أخيراً، فألمانيا ترى في عقد هذا الميثاق خطراً يهدد سلامتها، ونقضاً من جانب فرنسا لميثاق لوكارنو يبرر تصرفها، وهي تشرح وجهة نظرها في مذكرتها فيما يلي:
(إن ألمانيا منذ عقد الميثاق الفرنسي الروسي في ٢ مايو سنة ١٩٣٥، قد لفتت نظر الدول الموقعة على ميثاق لوكارنو أكثر من مرة. إلى أن العهود التي قطعتها فرنسا على نفسها في الميثاق الجديد لا تتفق مع العهود التي قطعتها على نفسها في لوكارنو؛ وإنه لا ريب في أن الميثاق الفرنسي الروسي موجه إلى ألمانيا وحدها وبالذات، وأن فرنسا ارتبطت فيه إزاء روسيا بعهود خاصة في حالة وقوع حرب بين ألمانيا وروسيا، وهذه العهود تنافي عهد عصبة الأمم والتزامات ميثاق الرين (ميثاق لوكارنو) المؤسسة عليه؛ وتحالف فرنسا على هذا النحو مع دولة مدججة بالسلاح ضد ألمانيا يخلق حالة جديدة، ويقضي على نظام السلام في الرين بأكمله، ويجعل ألمانيا في حل من تعهداتها السابقة الخ. . . . .)
والى جانب هذا السبب المادي المباشر الذي تتقدم به ألمانيا لتبرير تصرفها، يقدم إلينا هير هتلر في خطابه عدة أسباب قومية معنوية تتعلق بشرف ألمانيا وكرامتها وحقها في الحياة سيدة حرة، فألمانيا تريد أن تعيش في سلام، ولا تفكر مطلقاً في الاعتداء على أحد، ولكنها تريد أن تعيش مع باقي الدول على قدم المساواة، وأن تتمتع بنفس الحقوق والمزايا التي