للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ترجمة وتحليل:]

الخلود

لشاعر الحب والجمال لامرتين

ترجمة الأستاذ صبحي إبراهيم الصالح

(تتمة)

وهذه البصيرة التي تشهد الإله باطناً في كل شيء، ظاهراً من كل مكان، ترى فوق ذلك أن العالم - بحيه وجماده - ما يفتأ باحثاً عن الله، ناشداً نجواه، حريصاً على عرفان صفاته، والتقرب إلى ذاته: وأنه بجماله ونظامه وأحكامه صورة تحكي جمال خالقه، وحكمة مدبره، وقدرة صانعه، ومرآة تنعكس فيها معاني رحمته ورأفته، وفضله وكرمه. فالنهار لا يشعع بنور الشمس وإنما يشرق بنظرات الإله، والحسن لا يرثه المرء عن أبويه وإنما يفيض من بسمات الله؛ فإذا ما ابتسم راضيا عن العبيد، إذن لمولود جميل سعيد، أن يبهر هذا الوجود!

فما اجدر القلب الذي ينبض بإذن الله أن يعبده ويهواه!

(إن هذا العالم الذي ينشد الوصول إلى كمال صفاتك

صورة تحكي جمالك، ومرآة تعكس مزاياك:

فالنهار يفيض من نظراتك، والحسن يفيض من بسماتك،

والنفس في كل مكان تلقاك، والقلب أينما كان يهواك!)

بيد أن هذا الإله الحي القيوم، المقتدر الرحيم، لو اجتمعت الفطرة السليمة والأرواح الصافية على أن تصفه لا تستكمل وصفه ولو كان بعضه لبعض ظهيراً؛ وإن العقول البشرية لأعجز من أن تدرك مزاياه الحسنى: فهي كلما شرعت تصفه أدركها الكلال، وكلما أخذت تتكلم عنه غالبها الصمت، وكلما طفقت تتحرك نحوه رزحت تحت ذاته القاهرة؛ فتستكين وتشعر بضعفها ثم لا تجد الراحة بعد كلالها إلا في طمأنينة الوجدان، ولا تطيق الكلام بعد سكوتها إلا بألفاظ الحمد والتقديس، ولا تستطيع الحركة بعد جمودها إلا بالقيام والركوع والسجود.

(لا يستكمل وصف اسمك كل هذه المزايا الباهرة

<<  <  ج:
ص:  >  >>