كتب المستر شارل جون هزويل الذي كان مديراً عاماً لمصلحة تنظيم القاهرة مقالة تحت عنوان القاهرة واتساع نطاقها وملاحظات عن تأثيرات نهر النيل وتغيراته وأرفق بها بعض الخريطات، ونشرها في منشورات الجمعية الجغرافية في المجلد الحادي عشر الصادر في ديسمبر ١٩٢٢، وقام بترجمة هذه المقالة إلى اللغة العربية الأستاذ محمود عكوش، ونشرها هي وما معها من الخرائط في العدد السادس من مجلة الهندسة الصادرة في يونية ١٩٢٣، وبالاطلاع على الخريطة رقم ٢ الخاصة بتأثيرات نهر النيل وتغيراته تجاه القاهرة ظهر لي أن المستر هزويل اعتبر أن مدينة بولاق مصر كانت جزيرة في وسط النيل، وأنها كانت مشغولة بالمباني ومسكونة وقت أن كانت جزيرة. ولما كتب المسيو مارسيل كليرجيه كتابه في سنة ١٩٣٤ سار على رأي المستر هزويل، واعتبر كذلك بولاق جزيرة، وأثبت ذلك على الخريطتين المواجهتين لصفحتي ٢٧ و٢٩ من الجزء الأول من كتاب القاهرة المذكور
وأقول أن كل ما تصوره كل من المستر هازويل والمسيو مارسيل لا أساس له من الصحة للأسباب الآتية، وهي:
أولاً: إنه لم يرد في المراجع الجغرافية ولا التاريخية القديمة أن بولاق كانت جزيرة، ولم يتكلم عليها أحد من أصحاب كتب الخطط بوصف أنها جزيرة، مثل جزيرة الروضة وجزيرة الفيل وجزيرة إروى وغيرها من الجزاير التي تكلم عنها المقريزي وغيره في كتبهم
ثانياً: اعتاد الكتاب السابقون أن يذكروا كل طرح يظهر في النيل أو على شاطئيه باسم جزيرة، سواء كان هذا الطرح منفصلاً في وسط النيل أو متصلاً بالشاطئ، ومع كل هذا فلم يذكر أحد من الكتاب أن بولاق كانت جزيرة
ثالثاً: لما تكلم المقريزي في خططه على بولاق (ص ١٣٠ ج ٢) قال إن ساحل النيل كان بالمقس، وأن الماء قد انحسر حول سنة ٥٧٠هـ عن جزيرة عرفت بجزيرة الفيل، وتقلص ماء النيل عن سور القاهرة الذي ينتهي إلى المقس، وصارت هناك رمال وجزائر ما من