سنة إلا وهي تكثر حتى بقى ماء النيل لا يمر بها إلا أيام الزيادة فقط، وفي طول السنة ينبت فيها البوص والحلفاء وتنزل المماليك السلطانية لرمي النشاب في تلك التلال من الرمل. فلما كانت سنة ٧١٣هـ رغب الناس في العمارة لشغف السلطان الملك الناصر بها ومواظبته عليها، فأقبل الناس على الإنشاء والعمارة، وجد الأمراء والجند والكتاب والتجار والعامة في البناء، وصارت بولاق الدكرور يزرع فيها القصب والقلقاس على النيل حيث جامع الخطيري، وامتدت الدور على النيل وسكنوا ورغبوا في السكنى ببولاق من جامع الخطيري إلى جزيرة الفيل، وتفاخروا في إنشاء القصور الفاخرة هناك، وغرسوا من ورائها البساتين العظيمة
رابعاً: لما تكلم المقريزي في خططه عن جزيرة الفيل (ص ١٨٥ ج١) قال بين سطوره ما ذكره عن تلك الجزيرة: (وانحسر النيل عن جانب المقس الغربي وصار ما هنالك رمالاً متصلة من بحريها بجزيرة الفيل المذكورة ومن قبليها بأراضي اللوق فافتتح الناس باب العمارة فعمروا في تلك الرمال المواضع التي تعرف اليوم ببولاق خارج المقس)
خامساً: ذكر ابن تغري بردي في كتاب النجوم الزاهرة (ص٣٠٧ ج٧) أنه في سنة ٦٨هـ تربت جزيرة كبيرة ببحر النيل تجاه قرية بولاق واللوق وانقطع بسببها مجرى البحر ما بين قلعة المقس وساحل باب البحر والرملة وبين جزيرة الفيل وهو المار تحت منية السيرج، وانسد هذا البحر ونشف بالكلية، واتصل ما بين المقس وجزيرة الفيل بالمشي
سادساً: ليس من السهل إنشاء مدينة كبيرة مثل بولاق في جزيرة بعيدة عن ساحل المقس في حين أنه لم يكن بينها وبين ذلك الساحل كوبري أو جسر تسير عليه الناس والدواب بين ميدان باب الحديد وبين شاطئ النيل الحالي حيث كانت توجد بولاق القديمة على ذات الشاطئ
ومما ذكر يتضح أن بولاق لم تكن جزيرة في يوم من الأيام
وإنما أنشئت على أرض ظهرت في مجرى النيل، وكانت تلك
الأرض في بدء تكوينها في سنة ٦٨٠هـ مكونة من الرمال
الفساد اتصلت بحريها بجزيرة الفيل ومن قبليها بأرض اللوق،