إن أولئك الذين يقسمون الحياة إلى قسمين: ملهاة، ومأساة، قصيرو النظر؛ فالحياة أكبر من هذين، وهي تحويهما لأنها أوسع من أن تحِد بحالتين فقط، وإن كانت هاتان الحالتان تمثلان طرفي نقيض
وحيث تنتهي الملهاة تبدأ المأساة في حياة كل فرد أو مجموع، كما أن نهاية المأساة قد تكون بداية لملهاة جديدة. . . وهكذا
والناجحون في الحياة هم أناس رأوا منها جانباً واحداً فقط. وبينهم وبين أن يدركوا معنى الحياة بصورة شاملة عبور الجانب الآخر. .
ولا يضير هذه القاعدة أن يعيش في الدنيا أناس جربوا النجاح حتى آخر لحظة من حياتهم، أو أن يكون هناك آخرون لم يصادفوا غير الفشل. فالواقع أن هؤلاء هم الشذوذ الذي يثبت القاعدة ولا ينفيها.
ويجب أن نفسر ما نرمي إليه من النجاح أو الفشل في الحياة الفردية، فقد يفهم كثير من الناس من النجاح جانباً واحداً مثلا، وقد يكون هذا الجانب هو الثروة عند الفقراء، أو الصحة عند المعلولين، أو سواء الخلقة عند المشوهين.
ولكن النجاح الذي نرمي إليه هو قدرة الفرد أو المجموع على بلوغ مثل أعلى لا يتقيد بحاجات الفرد الزمنية أو المادية، وينطوي على فكرة سامية وهدف مقصود.
والخائبون في بلوغ هذا الهدف، مع استمرار كدهم، هم الذين يستحقون العناية، لأنهم بذلوا جهدهم كله، وما زالوا يبذلون. . .
قيل إن غادة جميلة لم يأسر قلبها حب، ولم تجرب بعد زكامه، اختصم حولها رجلان كان كل واحد منهما يظهر لها أقصى غاية الحب والتضحية. . . فحارت في أمرها، ولم تجد في قلبها هوى معيناً نحو أحدهما على التخصيص فصممت على أمر!
قالت لهما: إنها لا تشعر بميل قطعي إلى أحدهما، ولكنها ستهب نفسها للفائز منهما في صراع ينشب بين الاثنين، يقرر الغلبة لواحد منهما!