للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[من صور الشارع:]

العدالة

للأستاذ أمجد الطرابلسي

اللّيلُ داجٍ وأعاصيرُهُ ... مجنونةٌ تضحتُ منه الرّعودْ

والبرقُ في آفاقِهِ لاهِبٌ ... كشعْلَةِ الغيظِ بصدْرِ الحسودْ

والمطرُ الدَّفّاقُ في لحِنهِ ... مسترسِلٌ يُبَدئَهُ أو يٌعيد

يصافحُ النهرَ فتعلو لهُ ... نَغمةُ نايٍ وأرانينُ عود

والشارعُ الجَهْمُ مصابيحُهُ ... كأعينِ الذؤبانِ فوق النجود

قَفْرٌ منَ الناسِ، فلا سيّدٌ ... يخطرُ مختالاً ولا من مَسود

إلا عرابيدُ هُنا أو هنا ... كأنما أَرْجُلُهُم في القيود

يبغونَ مَنْجى من مُلِثِّ الحيا ... لولا خُمارٌ مُسْتَبِدٌّ عنيد

ونام. . . إلا مرقصاً فاجراً ... يقظانَ لا يعرفُ معنى الهجود

نهارُهُ الليلُ، وسُمارُهُ ... كُثْرٌ إذا أغفى الغبيُّ البليد

تمزّقُ الدجيةَ أنوارُهُ ... كأنها أنوار عُرسٍ وعيد

وتطربُ الشارعَ أنغامُهُ ... رَنّانَةً صَخّابةً من بعيد

دخلته. . . يا حسنَه منظراً! ... راحٌ ورَوْحٌ ولحونٌ وغيد

من كلِّ خَوْدٍ خلِقَتْ فتنةً ... لحظا وقدّاً ونهوداً وجيد

وأهوجٍ في عنفوانِ الصِّبا ... صريع كأسٍ ومُعنى خدود

والناسُ في رقصٍ وفي نَشْوَةٍ ... حولَ دُمى الحسنِ قيامٌ قُعود

ما منهُمُ إِلا فَتى عابثٌ ... ما فيهمُ إلا الضَّحوكُ السّعيد

كأنّهمْ في فَرَحٍ دائمٍ ... مُذ نزلوا الأرضَ وعيشٍ رغيد

يا شاكياً أوصابَ هذي الدُّنا ... لا زلتَ إلفاً للضّنى والجمود

أتدَّعي البؤسَ وتشكو الورى ... ورهنُ كفيكَ المنى والسُّعود

أليس فوقَ الأرضِ غيرُ الأسى ... أما تَرى عيناك غيرَ اللحود

هذي الأغاريدُ وهذا الهوى ... وذلك الحسنُ وتلك القُدود

<<  <  ج:
ص:  >  >>