للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الحب العذري في الإسلام]

للأستاذ عبد المتعال الصعيدي

- ٢ -

قال ابن الكلبي: لما استخلف عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وفدت إليه الشعراء، كما كانت تفد إلى الخلفاء قبله، فأقاموا ببابه أياماً لا يأذن لهم بالدخول، حتى قدم عديُّ بن أرطاة على عمر ابن عبد العزيز، وكانت له منه مكانة، فقال جرير:

يأيُّها الرجل الْمزْجِي مَطَّيتهُ ... هذا زمانُكَ إني قد مضى زمني

أبلغْ خليفتنا إن كنت لاقيَهُ ... أني لدى الباب كالمصفود في قَرنِ

وحْشُ المكانة من أهلي ومن ولدي ... نائي المَحلَّة عن داري وعن وطني

قال: نعم أبا حزرة ونُعمى عين. فلما دخل على عمر قال:

يا أمير المؤمنين، إن الشعراء ببابك، وأقوالهم باقية، وسنانهم مسنونة، قال: يا عدي، مالي وللشعراء! قال: يا أمير المؤمنين، إن النبي صلى الله عليه وسلم قد مدح وأعطى، وفيه أسوة لكل مسلم. قال ومن مدحه؟ قال: عباس بن مرداس، فكساه حُلّة قطع بها لسانه، قال: وتروي قوله؟ قال نعم:

رأيتك يا خير البريَّة كلّها ... نشرت كتاباً جاء بالحقُ مُعلَمَا

ونورت بالبرهان أمراً مُدَمَّساً ... وأطفأت بالبرهان ناراً مُضَرَّما

فمن مبلغٌ عني النبيَّ محمداً ... وكلُّ امرئ يجْزي بما قد تكلما

تعالى عُلُوًّا فوق عرش إلهنا ... وكان مكانُ الله أعلى وأعظما

قال: صدقت، فمن بالباب منهم؟ قال: ابن عمك عمر بن أبي ربيعة قال: لا قرب الله قرابته، ولا حيّا وجهه، أليس هو القائل:

ألا ليت أني يوم حانتْ مَنِيَّتي ... شَممت الذي ما بين عينيك والفم

وليت طهوري كان ريقك كله ... وليت حنوطي من مشاشك والدم

ويا ليت سلمى في القبور ضجيعتي ... هنالك أو في جنة أو جهنم

فليته والله تمنى لقاءها في الدنيا، ويعمل عملاً صالحاً، والله لا دخل عليّ أبداً، فمن بالباب غير من ذكرت؟ قلت: جميل ابن معمر العذري، قال: هو الذي يقول:

<<  <  ج:
ص:  >  >>