يتحدث الرأي العام الفرنسي حكومة وشعبا، وفي صحفه ومجتمعاته عن الاتحاد الفرنسي الذي أحدثه الدستور الجديد وحار في كيفية تطبيقه على بلدان ما وراء البحار. كأنما يحاول بذلك أن يسدل الستار على تاريخ الاستعمار القائم المظلم، ليبدله بلون أخر قد يكون اشد هولا وأشنع عاقبة.
إن نقطة الضعف في هذا القرار هي أنه لم يحترم إرادة هذه الشعوب ولم يستشيرها ليأخذ رأيها بالموافقة أو الرفض، حتى إذا شرع في تطبيقه كان مبنيا على أساس متين، واستطاع أن يؤتى ثماره المطلوبة. على أن الحكومة الفرنسية، فيما يظهر، كانت أعمق تفكيرا، فلم تقدم على اتخاذ هذا القرار إلا بعد أن خير الرأي العام في البلاد، وخرجت مقتنعة بغرام شعوبها بالحكم الفرنسي، وهيامها بكل ما يقدمه إليها الدول الفرنسية، وما (تضحي) به في سبيل سعادتها وتطورها من مال ورجال وعتاد!
أما الشعب المغربي فإنه بدوره يزداد كل يوما أيماناً بفوائد هذا (الاتحاد الفرنسي) وما سيجره إليه في مستقبل الأيام من خير ورفاهية ونعيم. خصوصا بعد (حوادث الدار البيضاء) التي تركت السنة الناس تسبح بحمد الإدارة الفرنسية، وحسن تصرفها، وسداد موقفها، فقد فتحت هذه الحوادث الأعين، وعرفت الناس مزايا الدخول في (الاتحاد الفرنسي) عن طيب خاطر، وأنهم سيعيشون في عهده في ضلال الأمن الطمأنينة والسعادة والسلام! أن هذا الحدث الجديد الذي يراد ربط مصيرنا به، يتطلب منا أن نقف عنده قليلا وندرسه على ضوء التفكير السليم، والمنطق الصحيح. فالشعب المغربي، ككثير من الشعوب الإسلامية العربية التي أريد لها أن تسمى (شعوب فرنسا ما وراء البحار) هو الآن في مفترق الطريق. وإمامة: أن يختار الانضمام إلى جامعة الدول العربية أو الاندماج في (الاتحاد الفرنسي) وشعوب فرنسا ما وراء البحار.
أما جامعة الدول العربية فتربطنا بها، أو تربطها بنا، روابط متينة راسخة الأعراق الأصول، كونها مختلف العوامل النفسية، والتاريخية، والجغرافية، على ممر العصور