لو كانت ذات الثوب الأرجواني مع (موسى) - عليه السلام - لمّا ذهب إلى فرعون يدعوه إلى ربه لكان الأرجح أن يؤمن ولا يكفر، ولكان من المحقق - عندي على الأقل - ألا ينزل بمصر ما نزل بها من البلايا والضربات والمصائب الكبَر. ولكن موسى - عليه السلام دائماً - لم يكن على ما يؤخذ من تاريخ حياته - يعرف مبلغ تأثير الأرجوانيات فلم يسأل الله أن يشد أزره إلا بأخيه هارون؛ وقد فطن قومه إلى هذه الحقيقة، ولكن بعد خراب البصرة. على إني لا أرى ذات الثوب الأرجواني تقيني شيئا ولا أعرفها تدفع عني بلاء. وإن المكاره جميعاً لتحيق بي تحت عيها ومع ذلك لا تحرك ساكناً، ولا ترفع إصبعاً كابحاً، فأي حب هذا بالله؟؟. . . . لكأني بها تشمت بي ويسرّها أن يصيبني كل يوم سوء، وكأنما تظن أن حسبي كلما مسني ضرّ أن أنظر إليها وهي قاعدة على كرسيها، وإحدى ساقيها على الأخرى، وذراعاها على حانة الشرفة، وخدها على ظهر كفها، وأصابعها تنقر على الحجر، وقدمها الدقيقة تتحرك متابعة نقر الأصابع، كأنها تحلم بصوت أو كأنما تدندن لنفسها بصوت خفيض. . . وليتني مع ذلك أسمع!! إذن لكان لي بعض العزاء. . . ولقد سمعت صوتها إذ تكلم جارتها أو تدعو أخاها - أو هو لا بد أن يكون أخاها - ولكني لم أسمع غناءها. وما من شك عندي في أنه شجي وأن صوتها رخيم فأنه خالص كالفضة. ولكنها بخيلة. . . جداً. . .
وآخر ما حدث مما لم تدفع عني شره إني بعد أن كتبت فصلاً من هذه الفصول كان في البيت لفيف من الأهل والأنسباء - قبحهم الله جميعاً - فقالوا ما هذا؟ قلت:(فصل في ذات الثوب الأرجواني). قالوا: من عساها تكون؟ فكرهت هذا الفضول منهم - ولكنهم يحسبون أن كونهم أقارب يشفع لهم في كل فضول - غير أني كتمت مقتي لفضولهم - لا لهم هم - وقلت:(إنها من مخلوقات الخيال) فجعل هذا يزوم، وذاك يحدق في وجهي، وثالث يقول لي:(عيني في عينك؟) ورابع يقول: (طبعاً. طبعاً) إلى آخر ذلك. ثم اقترح واحد منهم -