هذه قصة واقعية قرأتها ملخصة في سطور في كتاب (من اثر النكبة) للأستاذ نمر الخطيب، بطلها رجل من فلسطين يحسن الإنكليزية كان له صديق من أعضاء اللجنة الدولية، سأله أن يأخذه إلى تل أبيب ليجدد ببلاده عهدا، فأجابه إلى ما سأل وألبسه لباس أعضاء اللجنة حتى غدا كأنه واحد منها.
ووصلوا تل أبيب، فأنزلهم اليهود في فندق عظيم، وأولوهم أجمل العناية وأكبر الرعاية، حتى لقد أخبروهم أن إدارة الفندق ستبعث إلى غرفة كل واحد منهم فتاة بارعة الجمال، لتكون رفيقته تلك الليلة. قال:
ولما أويت إلى غرفتي، تمثلت لي الفتاة التي وعدت بها، فملأت صورتها نفسي وهاجت فيها أدنأ غرائزها، وأحط شهواتها، ونسيت أني في بلد العدو، وأن علي التوقي والحذر، وارتقبت ليلة (كما يقولون) حمراء، تلتهب فيها الأعصاب بنار الشهوة الجامحة، وخيل إلى منطق الغريزة أني إن نلت امرأة من يهود فقد غزوت يهود في ديارها. وثقلت علي الساعات الباقية دون الليل، وطالت دقائقها، وجثم وقت الانتظار على صدري فتقارب نفسي، وازداد خفقان قلبي، وأحسست بركبتي تصطكان، وكنت أقعد فلا أطيق القعود، فأقوم فلا أرتاح إلى القيام. وحاولت القراءة فكانت الكلمات تتراقص أمام بصري، ثم تستحيل إلى صور صبايا عاريات، وتضيع المعاني فلا أدرك إلا المعنى الواحد الذي هو في ذهني.
وكذلك تصرمت ساعات، ما أظن أنه مر علي في عمري أثقل منها. وما أظن لذائذ الوصال لو جمع لي ما يلقاه الناس كلهم منها، تعدل آلام هذه الساعات.
. . . وجاء النادل (الكارسون) يقدم إلي فتاة، جرفتها ببصري في لمحة واحدة، وجردتها بخيالي من ثيابها في ثانية، فرأيتها عارية أمامي، وجمحت بي الغريزة حتى لا أقدر على الصبر عن عناقها دقيقة، وعن ضمها إلي، وعن أن أشد يدي عليها، ثم آكلها عضا.
وكانت شقراء لها شعر ما علمت قبل اليوم كيف يكون الشعر كأسلاك الذهب، يتموج ويسترسل على كتفين مستديرتين كأنهما. . . ولكن مالي وهذا الولع بالتشبيهات، وبماذا أشبه كتفي فتاة عبلة في السابعة عشرة؟