في (العمدة) لابن رشيق: ثم جاء أبو الطيّب فملأ الدنيا، وشغل الناس
في (المثل السائر) لابن الأثير: وقفتُ على أشعار الشعراء قديمها وحديثها فلم أجد أجمع من ديوان أبي تمام وأبي الطيب للمعاني الدقيقة، ولا أكثر استخراجاً منهما للطيف الأغراض والمقاصد
في (خزانة الأدب) للبغدادي: المتنبي سريع الهجوم على المعاني
في (شذرات الذهب) لابن العماد: ليس في العالم أشعر من المتنبي أبداً، وأما مثله فقليل
قلت ذات مرة للعربيّ الألمعيّ الأستاذ (رياض الصلح) - وقد ذكرنا المتنبي وأبا تمام -: إن الأول كان يحلق في سماء الشعر بمعانيه، وإن الثاني كان يغوص في بحره على لآليه، فقال: قِفْ. إذن، المتنبي (طيارة). . . وأبو تمام (غواصة). . .
ولقد جاء الذي شغل الناس، والذي هو دهره من رواة قلائده بما جاء به وهو من تلك القافية وذاك الوزن في سجن. ولولا هذان لأسمعك (أحمد) من القريض - الذي هو أعجب، وأراك ما هو آنق ممّا رأيتَ وأغرب. ولولا هذان لجوّدَت الأيام أيّما تجويد تسطيرَ ما أملي فلم يقل:
ولم تُحسنِ الأيام تكتبُ ما أملي
رُبَّ ما لا يُعبّر (الشعر) عنه ... والذي يُضمرُ الفؤادُ، اعتقادُهْ
وما قيّد الشعرَ العربيّ إلا قوافيه، وما قصَّرَ خطواته في ميادين الشؤون إلاّ تلكم الأوزانُ (البدويّة) وإلاّ هي؛ والقافية في أكثر الأحايين هي القائلة لا القائل، والوزن هو الوازن لا شعور الشاعر؛ فأكثر الشعر ليس لأهله لكنه للوزن أو للقافية. . . إنه مما أتى، مما وُجد. . . ليس هو مما قُصِد. . . وكائنْ في الضمائرِ من معانٍ باهراتٍ مدهشات قد غيبتها القوافي!
وإذا كان ذلك القديم الكريم الموروث قد كفى في شيء فثمّةَ أشياءُ لم يستقلَّ بها، والرغائب