كتاب العقد أو العقد الفريد - لابن عبد ربه اشهر من أن ينبه عليه، أو ينوه به، فهو من كتب الأدب الممتعة بل هو موسوعة أدبية غزيرة ضمت بين صفحاتها مما يفيد الأديب ويمد الكاتب، ويعين المنشئ ما لا يوجد في غيرها؛ ففيها أدب وتاريخ ولغة وشعر وعروض، وما إلى ذلك مما لم يجمع مثله في كتاب.
ولو رأينا أن نجمل الكلام في هذا الكتاب لقلنا: أن ابن عبد ربه قد حشد فيه خلاصة ما جمع من قبله كالجاحظ والمبرد وأبى عبيده والأصمعي والكلبي وابن قتيبه، وغيرهم مما يطول القول بذكرهم.
وهو لم يقف في مختاراته عند ما وقف غيره ممن سبقه، على ما عرف عن العرب ولا على ما أثر عنهم من أدب، بل نقل مما ترجم إلى العربية عن الهندية واليونانية والفارسية، وقد قال هو عن كتابه:
(وقد ألفت هذا الكتاب وتخيرت جواهره من متخير جواهر الآداب، ومحصول جوامع البيان، فكان جوهر الجوهر ولباب اللباب، وإنما لي تأليف الأخبار وفضل الاختيار وحسن الاختصار وفرش في صدر كل كتاب؛ وما سواء فمأخوذ من أفواه العلماء، ومأثور عن الحكماء والأدباء، واختيار الكلام أصعب من تأليفه. وقد قالوا: اختيار الرجل وافد عقله. فتطلبت نظائر الكلام وأشكال المعاني وجواهر الحكم وضروب الأدب ونوادر الأمثال؛ ثم قرنت كل جنس إلى جنسه، فجعلته بابا على حدته. . وقصدت من جملة الأخبار وفنون الآثار جوهرا وأظهرها رونقا وألطفها معنى وأجزلها لفظا وأحسنها ديباجة وأكثرها طلاوة وحلاوة، آخذاَ بقبول الله تبارك وتعالى:
(الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه).
مؤلف الكتاب:
أما مؤلف الكتاب فهو: أبو عمر أحمد بن عبد ربه سنة ٢٤٦هـ ونشأ بقرطبة وتوفي سنة