للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[التاريخ في سير أبطاله]

أحمد عرابي

أما آن للتاريخ أن ينصف هذا المصري الفلاح وأن يحدد له

مكانه بين قواد حركتنا القومية؟

للأستاذ محمود الخفيف

لم تطل حيرة توفيق فانه آثر جانب ماليت وخطا بذلك خطوة أخرى من خطواته التي كانت تعجل سير الحوادث أبداً نحو الغاية التي رسمها الإنجليز والتي كان الوصول إليها معناه التهام مصر وازدراد تلك اللقمة التي طالما منت إنجلترا نفسها بازدرادها.

ولعلنا نذكر من مواقف توفيق السالفة ما كان يدفع به الحوادث في طريق العنف والثورة دفعاً، فهو الذي أدى إلى انضمام الحزبين العسكري والوطني وتضافرهما يوم تنكر للدستور وأخرج شريفاً من الوزارة وهو الذي تقع على عاتقه قبل غير مسؤولية مظاهرة عابدين ثم هو الذي قبل المذكرة المشتركة فأحبط أعمال شريف للمرة الثانية وصدم الوطنيين صدمة لم تدع لهم بعد رجاء فيه.

وليس بعجيب أن تكون خطى توفيق كلها مفضية إلى الاقتراب من الكارثة فإنما كان يعمل بوحي من الإنجليز وهؤلاء قد عينوا الهدف الذي يقصدون إليه بسياستهم؛ وكان الخديو قد دان بمبدأ نحسب أنه جرى في نفسه مجرى العقيدة، وذلك أن يؤثر جانب الإنجليز في كل شيء لأن في ذلك كما توهم منجاته من الصعاب التي كانت تحيط بعرشه.

رأى الخديو كما رأى ماليت أن حكم المجلس العسكري على المتآمرين من الجراكسة حكم جائر لا يسعه الموافقة عليه، ورأت الوزارة من جانبها أنها سلكت في المسألة منذ بدايتها مسلكا لا غميزة فيه فهي بذلك تتمسك بالحكم الذي أصدره المجلس، هذا إلى أن رفض الحكم من شأنه أن يضيع هيبتها وينتقص نفوذها ثم إنها فوق ذلك ترى التحيز واضحاً من جانب الخديو ذلك الذي كان يتشدد بالأمس أعظم التشدد يوم سبق عرابي وصاحباه إلى المحاكمة لمجرد أنهم شكوا إلى أولياء الأمر حالهم. . . ومن هنا قامت أمام البلاد مشكلة من أدق المشاكل وأخطرها.

<<  <  ج:
ص:  >  >>