لم نأسف على شئ قط، أسفنا على تأخرنا عن الكتابة عن هذا الكتاب
الجميل قبل أن يحدث الذي حدث بسببه بين صديقينا الفاضلين الدكتور
محمد صبري المؤلف والدكتور سيد نوفل الذي نقد الكتاب نقداً لم
يعجب الدكتور صبري فغضب غضبته التي رد عليها الدكتور نوفل
رده المعروف. ونقول الحق إن موقف الأستاذين لم يصادف إلا الأسف
الشديد من نفوس القراء جميعاً. فالدكتور نوفل - وهو البادئ - قد
جرد الكتاب من حسناته جميعاً، وقد صار حناه بذلك يوم صدور مقاله،
والدكتور صبري لم يكن واسع الصدر حين ضاق بنقد الدكتور نوفل،
فأهمل الرد على مآخذ الأستاذ وحصر رده في حملة كنا نجله عنها،
وقد عاود الكرة حينما رد عليه الدكتور نوفل فراح يلقي عليه وعلى
المجلات الأدبية الممتازة - وما أقلها عندنا - دروساً في ضبط النشر
وحسن التوجيه الأدبي، وهي دروس نشكرها له كل الشكر، ولكن في
غير ذاك المقام
أما الدكتور نوفل، فقد فاته أن ينوه بكثير من حسنات الكتاب، وفي مقدمتها ميزة الدكتور صبري الأولى، التي لا يشاركه فيها كثيرون ممن كتبوا عن الشعر الجاهلي، تلك هي ميزة الأستاذ في سمو تذوقه لهذا الشعر ومقدرته على إظهار صوره الرائعة التي كنا - أو كنت أنا على الأقل، كي لا يغضب أحد - لا أحس لها جمالاً، ولا أعرف لها روعة، حتى وقفني كتاب الدكتور صبري على طرافتها وإعجازها، وليست هذه بالحسنة الهينة التي ينفرد بها