للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[أدباء عالميون]

موريس ماترلنك

للأستاذ صلاح الدين المنجد

(تتمة)

إن درامة ماترلنك (بلياس وميليزاند) لتقطر سحراً وجمالاً. . . وفيها مشاهد مترعة متعة ولذة؛ تمثلهما وهما يتناجيان هذه النجوى:

- أنت لا تعلمين لم يجب علي أن أبتعد. . . أنا أحبك!

- وأنا أحبك أيضاً. . .!

- آه. . .! ماذا تقولين يا ميليزاند؟. . . لم أسمع، لم أسمع ما تفوهت به، كأنما حطم الجليد بالحديد المحمر. . . أأنت تقولين هذا بصوت كأنه آت من اللانهاية. . . لم أسمعك يا ميليزاند. أتحبينني. . .؟ تحبينني أيضاً. . .؟ منذ كم وأنت تحبينني يا ميليزاند. . .

- منذ بعيد. . . منذ رأيتك!

- آوه! أنت تقولين هذا. . . كأنما مر صوتك فوق البحر، في الربيع، كأن غيثاً هطل على قلبي. . . بصراحة تقولين هذا؟ أنا لا أصدق! ميليزاند لم تحبينني؟ ألا تخدعينني بقولك، ألا تكذبين لا سر؟

- لا، لا أكذب أبداً عليك، ولكن أكذب على أخيك. . .

- يا لصوتك، يا لصوتك! إنه ندى مبلل، أندى من الماء، كأن الماء يجري بين شفتيك

أفرأيت إلى هذه السذاجة الحلوة، وهذا الطهر الناعم، وهذا السحر الأخاذ. إنها نجوى واحدة من النجويات!

وأخرج ماترلنك بعد ذلك درامة المسماة وقد بلغت هذه الدرامة الصغيرة الكمال، فهو يصور لنا فيها حياة أسرة برجوازية تصاب بالمصائب، ويسلط عليها الرعب والخوف. . .

وقد تجد في هذه الدرامة من الطرفة ما لا تجده في غيرها. فأشخاصها خرس مجتمعون في غرفة تكاد تكون مظلمة، وهم أب وأم، وبنتان وطفل. (أما الأب فجالس إلى النار يشيعها بالحطب، وأما الأم فقد ارتفقت الطاولة، وأخذت تنظر من خلال النافذة ساهمة في حين

<<  <  ج:
ص:  >  >>