للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

قصة مصرية

الشيخ عبد الباسط يتزوج. . .

للأستاذ محمد علي غريب

بين الأزهر وبين القرية، يولد طالب العلم كل يوم مرة على تجارب لم يشهدها وحياة لم يألفها، في تلك المدينة التي يختنق صوت المؤذن فيها بصيحات المعربدين الفجار، والتي لو بعث فيها اليوم منشئها الأول جوهر الصقلي لما وجد فيها مكاناً يأوي إليه، ولآثر عليها منادمة منكر ونكير. . .

ويوم غادر الشيخ عبد الباسط محمد حسين أبو جبل قريته الصغيرة لينتسب إلى الأزهر، كان أكثر أهله في وداعه، وقبيل أن يعلن القطار ضجره من الانتظار بصفيره المزعج، انتحى به والده ناحية منعزلة وأوصاه بالصلاة والمذاكرة وطاعة شيوخه واحتقار ملذات الدنيا الفانية

ثم دس الوالد في يد ولده خطاباً علت غلافه بصمات أصابعه المغمورة بالتراب، وطلب منه أن يقدمه إلى سيد القرية في القاهرة وهو رجل من الأثرياء يملك أكثر أرض هذه البقعة وينظر إليه الأهلون كإنسان لم يخلقوا على طرازه، فلا بدع أن يتخذوا منه السيد والمولى، وأن يخشوا غضبه كما يخشى العابد غضب الإله

وحل الشيخ عبد الباسط في غرفة مظلمة في حي الباطنية بالقرب من الأزهر، وحل معه فيها خمسة من الطلاب ومجموعة من الهوام والحشرات كانت تشارك أهل هذا الكهف طعامهم وشرابهم، وتخفف الدم النقي من جسومهم فلا يشعرون بالحاجة إلى معصية الله. . .

ولم يكد يضع عبد الباسط رحله، ويؤدي الصلاة المكتوبة، ويستفسر من زملائه الذين سبقوه عن مواعيد الدراسة وعن كراء البيت حتى ذكر خطاب سيد والده الغني، فأخرجه من جيبه بوقار وخشوع وراح يسأل عن هذا العنوان:

- جاردن. . جا. . جار. . دن. . جاردن ستي. . أي عنوان هذا؟. . محمد بك الخربوطلي

<<  <  ج:
ص:  >  >>